تغير المناخ وتباين المواقف بين ترامب وهاريس
وصف الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، تغير المناخ بأنه خدعة، متسائلا عما إذا كان العلماء يعرفون أن العالم يزداد حرارة. وفي المقابل، وصفت نائبة الرئيس الحالي، كامالا هاريس، تغير المناخ بأنه تهديد وجودي، ولعبت دورا فعالا في توجيه الأموال الفيدرالية إلى مبادرات الطاقة النظيفة.
ولكن إلى جانب الاختلافات الكبيرة، قد تكون هناك بعض القواسم المشتركة بين مواقف المرشحين الرئاسيين بشأن تغير المناخ والطاقة، كما يقول براد تاونسند، نائب الرئيس للسياسة والتوعية في مركز حلول المناخ والطاقة.
ويضيف تاونسند أن ”كليهما يعتقدان أن الطاقة هي الازدهار، لكن لديهما وجهات نظر مختلفة حول كيفية تحقيق هذا الازدهار“، فعلى سبيل المثال، قال المرشحان إنهما يريدان تسهيل حصول شركات الطاقة على الموافقة على البنية التحتية الجديدة، وكلاهما يدعم ما يُعرف عموما باسم ”إصلاح التصاريح“، أي الجهود الرامية إلى تبسيط العملية التنظيمية للمرافق الجديدة، لكن الاختلاف الرئيسي بين الاثنين هو مصادر الطاقة التي يدعمونها أكثر، حيث أن ترامب من أكبر الداعمين للوقود الأحفوري، الفحم والنفط والغاز، التي كانت تقليديا تُشكل قاعدة الاقتصاد الأميركي للطاقة.
أما هاريس، فقد اتخذت موقف ”نعم، ولكن“، حيث حقق إنتاج النفط المحلي أرقاما قياسية جديدة في ظلّ إدارة الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، قائلة إنها لن تحاول حظر التكسير الهيدروليكي (تقنية لاستخراج الغاز والتي يقول الناشطون البيئيون إنها ضارة بيئيا)، ولكن تركيزها الأساسي هو تطوير ما يراه العديد من الخبراء الجيل القادم من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة.
وقال ترامب إنه سيعمل على انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية المناخ العالمية الرئيسية، وهو ما قام به فعلا خلال فترة رئاسته الأولى، حيث قالت هاريس حينها إن التخلي عن الاتفاقية العالمية سيكون ”كارثيا لكوكبنا ولأنفسنا وللأجيال القادمة“. كما تعهد ترامب بإلغاء لائحة تحد من انبعاثات الكربون من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والغاز، التي كانت هاريس جزءا من الإدارة التي وضعت هذه القواعد. وبصفتها المدعية العامة لولاية كاليفورنيا آنذاك، قامت هاريس بمقاضاة الملوّثين الكبار.
ويُعتبر قانون خفض التضخم، الذي تبلغ قيمته 437 مليار دولار، أكبر استثمار على الإطلاق في الولايات المتحدة في التكيّف مع تغير المناخ والمرونة، إذ تم تصميم القانون لتمويل الأبحاث وتطوير مصادر الطاقة النظيفة الجديدة، وتحفيز الاستثمار الخاص في التكنولوجيا الحالية للطاقة النظيفة. كما تم الترويج للقانون باعتباره قانونا اقتصاديا يُوفر فرص عمل بقدر ما هو قانون بيئي، وكان الهدف الأساسي هو مساعدة الولايات المتحدة على أن تصبح رائدة فيما وصفته إدارة بايدن بالاقتصاد الحتمي للمستقبل، سواء كان ذلك يشمل المركبات الكهربائية أو الهيدروجين النظيف. ومن المرجح أن تكون إحدى الأولويات الرئيسية لهاريس، إذا تم انتخابها، هي الاستمرار في إدارة هذه الأموال، والتي من المفترض أن يذهب 85% منها إلى مبادرات الطاقة النظيفة، وجهود التكيّف مع المناخ، وغيرها من التدابير المتعلقة بتغير المناخ.
وبعد أن تظاهر ناشطون من أجل المناخ خارج منزلها في لوس أنجلوس في سبتمبر الماضي، وعدت هاريس بأنها ستواجه ”أزمة المناخ بإجراءات جريئة، وبناء اقتصاد يعتمد على الطاقة النظيفة، وتعزيز العدالة البيئية، وزيادة القدرة على الصمود في مواجهة الكوارث المناخية“. من جانبه، وصف ترامب قانون خفض التضخم بأنه دفع غير عادل لشركات الطاقة النظيفة على حساب صناعة الوقود الأحفوري، قائلا إنه سيسحب مليارات الدولارات التي لم يتم إنفاقها بعدُ، ويُنهي الحوافز الضريبية لبعض المركبات الكهربائية.
ومع ذلك، يلاحظ بعض الخبراء أن معظم استثمارات القانون ووظائفه موجودة في الدوائر الانتخابية لدى الحزب الجمهوري، وقد يكون أحد أكبر الاختلافات بين رئاسة ترامب وهاريس في علاقتهما بالوكالات الحكومية التي تعمل في مجال الطاقة أو البيئة، فخلال إدارة ترامب، على سبيل المثال، غادر عشرات العلماء المحترفين وكالة حماية البيئة، حيث زعم العديد من الباحثين أنهم تعرّضوا للانتقام والمضايقات لنشرهم نتائجهم حول تغير المناخ. وبصفته رئيسا آنذاك، ألغى ترامب مجموعة من اللوائح البيئية ونجح في الضغط لتقليص ميزانية وكالة حماية البيئة، التي تُنفذ الكثير من قوانين الهواء النظيف والمياه، وجهود التكيّف مع تغير المناخ، وغيرها من المهام البيئية اليومية.
بقلم: ستيفاني هانز – ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور، الاتحاد