خطر الكوارث المناخية على البشرية

Sep 29, 2024

إذا كانت الحروب والصراعات في العالم تودي بحياة آلاف البشر، فإن التغير المناخي وما يفعله الإنسان من كوارث مناخية لا يقل خطرا، إذ يودي بحياة الآلاف أيضا.

ولعل تداعيات ما شهدته الصين والولايات المتحدة مؤخرا جرّاء الأعاصير التي ضربتهما تُقدم صورة عما يمكن أن يواجه العالم إذا ما واصل انتهاك الأرض والعبث بالجو بدافع من الانتهازية والرغبة الصناعية المميتة.

ولقد شهدت الصين مؤخرا فيضانات غير مسبوقة، وهي الأولى التي تحدث منذ قرن، حيث أدّت إلى مقتل المئات، ودمار منازل وانهيار جسور وسدود، وارتفاع منسوب الأنهار، وحدوث انهيارات أرضية، ونزوح الآلاف من منازلهم، وخسائر مادية بمليارات الدولارات.

وفي الولايات المتحدة، أدّى الإعصار هيلين، الذي ضرب جنوب شرق البلاد، إلى فيضانات كارثية وانهيارات أرضية وتدمير مئات المنازل، وانقطاع الكهرباء عن ملايين الأشخاص، ومقتل 63 شخصا على الأقل، وتم إعلان حالة الطوارئ في عدة ولايات، هي ألاباما وفلوريدا وجورجيا وكارولينا الشمالية والجنوبية وتينيسي، حيث بلغت سرعة الرياح 140 ميلا في الساعة، ما اضطر العديد من المواطنين إلى استخدام القوارب.

هذه الفيضانات والأعاصير مجرّد نماذج عما يشهده العالم من كوارث بيئية تطال معظم الدول بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما يؤدي إلى تبخر المياه على سطح الأرض بوتيرة أسرع، وهذا كله بسبب استمرار حرق الوقود الأحفوري وتلويث الفضاء، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الاحتباس الحراري.

وتذهب التقديرات إلى أن 89% من سكّان العالم المعرّضين لخطر الفيضانات العارمة يعيشون في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، خاصة في جنوب وشرق آسيا، إذ أن قرابة 395 مليون شخص في الصين و390 مليون شخص في الهند أصبحوا عرضة لخطر الفيضانات المدمّرة.

كما تُشير التقديرات إلى أنه منذ عام 2000، زادت نسبة الأشخاص المعرّضين للفيضانات بمعدل 24%، وأن رُبع سكّان العالم، أي قرابة 1.8 مليار شخص، باتوا عرضة مباشرة لما يُطلق عليه ”الفيضان الكبير“، الذي يُتوقع حدوثه من الناحية الإحصائية مرة واحدة كل 100 عام.

ولذلك، يُحذر العلماء من أن خطر الفيضانات سوف يزداد في المستقبل في حال فشلت دول العالم في الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري، أو عدم التزامها بما يصدر عن المؤتمرات الخاصة بالمناخ من قرارات، إذ أن ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة سيتمخّض عنه ارتفاع في معدل حدوث الأعاصير والأمطار الغزيرة.

إن العالم يمرّ بمرحلة وجودية حاسمة من حيث اتساع رقعة الحروب والتهديد باللجوء إلى استخدام الأسلحة النووية، إضافة إلى ما يتهدّد البشرية جرّاء هذا العدوان المتمادي على الكرة الأرضية، فهل يستيقظ العالم ويتخلّى عن أطماعه الاقتصادية والعسكرية لينعم البشر والكوكب بالأمن؟

المصدر: افتتاحية الخليج