التغيرات المناخية وتشكيل السياسات الدولية

Sep 26, 2024

في العقود الأخيرة، أصبحت التغيرات المناخية محركا رئيسيا في تشكيل السياسات الدولية، إذ باتت القوى العظمى تُدرك أن التأثيرات البيئية لم تعد مجرد قضية داخلية، بل أصبحت عاملا عالميا يُؤثر على العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي والأمن القومي.

ومن تأثير التغيرات المناخية على سياسات القوى العظمى هو التنافس على الموارد الطبيعية مع ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد في القطب الشمالي، حيث ظهرت فرص جديدة لاستغلال الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن، وهذا التغير دفع القوى الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة والصين إلى تعزيز وجودها في هذه المناطق، ما أدّى إلى توترات جيوسياسية جديدة.

كما أن التغيرات المناخية تؤدي إلى تغيرات في أنماط الطقس والزراعة، ما يُؤثر على الأمن الغذائي والهجرة في مناطق مثل إفريقيا وآسيا، فالقوى الكبرى تتعامل مع هذه القضية من خلال سياسات المساعدات، لكنها تواجه أيضا تحديات مرتبطة بتدفق اللاجئين الناجم عن الجفاف والكوارث المناخية والاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا.

والسّباق لتطوير تقنيات الطاقة النظيفة يُعد عاملا رئيسيا في إعادة تشكيل السياسات الاقتصادية للقوى العظمى، فالاتحاد الأوروبي يقود الطريق في التحوّل إلى الاقتصاد الأخضر، بينما تسعى الصين إلى السيطرة على سوق الطاقة المتجددة من خلال الاستثمار في الطاقة الشمسية والبطاريات الكهربائية. أما الولايات المتحدة فترى التغيرات المناخية تهديدا للأمن القومي، إذ قد تؤدي الكوارث البيئية إلى زعزعة الاستقرار في مناطق حساسة، ما يُعزز احتمالات نشوب صراعات مسلحة.

ولا تزال هناك خلافات بين القوى الكبرى حول كيفية التعامل مع التغيرات المناخية، فالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين تتنافس على قيادة العالم في مجال الطاقة النظيفة، بينما تتباين مواقفها بشأن مسؤوليات الدول المتقدمة والنامية تجاه خفض الانبعاثات الكربونية. وفي حين أن اتفاقية باريس للمناخ كانت خطوة مهمة، إلا أنها أظهرت أيضا تحديات سياسية واقتصادية في تحقيق توافق عالمي.

وبات واضحا أن التغيرات المناخية ليست مجرد قضية بيئية، بل محرك حقيقي لصياغة السياسات العالمية، فالقوى العظمى تتخذ قرارات تتعلق بالسياسات الخارجية والاقتصاد والأمن القومي، ما يُبرز الحاجة إلى تعاون دولي لمواجهة التحديات المشتركة.

بقلم: دانة العنزي – الرأي الكويتية