الأرض والغليان القادم!

Sep 18, 2024

بقلم: خالد دلال – خاص بمناخي

يبدو أن البشرية عاجزة عن التعامل بمسؤولية وجدية وواقعية مع ما يُؤجج ظواهر التغير المناخي، وأضحت، بتقاعسها، في مهب الريح مع الارتفاعات غير المسبوقة في درجات الحرارة حول العالم، وما ستجره من كوارث مناخية قادمة لا محالة في حال استمرار هذه الارتفاعات الجنونية.

لنحذر جميعا… ها هو مرصد كوبرنيكوس، التابع للاتحاد الأوروبي، يؤكد ”أن الصيف في نصف الكرة الأرضية الشمالي من يونيو إلى أغسطس هذا العام تجاوز الصيف الماضي ليصبح الأشد حرارة في العالم“.

وهذا يفسر ما شهدته مدن عديدة في العالم، خلال الأيام والأسابيع الماضية، من موجات حرّ قاسية تراوحت بين الأربعينات والخمسينات في الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا ودول الشرق الأوسط وغيرها من دول العالم، وما نتج عن ذلك من حرائق غابات وغزارة في الهطول المطري وأعاصير شديدة وفيضانات مهلكة وذوبان للجليد في قطبي الأرض وظروف جوية متطرفة في مختلف أرجاء المعمورة، كان آخرها الفيضانات الكارثية الناجمة عن الأمطار الغزيرة مؤخرا في السودان، ”وما ألحقته من أضرار بأكثر من 300 ألف شخص وانتشار للكوليرا في البلاد التي تمزقها الحرب الأهلية“.

حتى أن الأمر دفع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مؤخرا إلى إطلاق ”دعوة عالمية للعمل من أجل الحدّ من ارتفاع درجات الحرارة“، محذرا من أن ”درجات الحرارة القصوى أصبحت الآن قضية عالمية مستمرة وليست حوادث معزولة“.

الحل لكل ذلك يعلمه الجميع ولا داعي لعلماء وخبراء المناخ ليدلوا بدلوهم، ويكمن في تخلص البشرية من مختلف مصادر الوقود الأحفوري وإطلاق العنان للاستثمار في الطاقة المتجددة، لكن يبدو أن الوقت يداهم الجميع مع التقاعس الدولي عن التنفيذ الفعلي والعاجل لذلك منذ سنوات طمعا في موارد الأرض، هذا مع الارتهان فقط، في معظم الأحيان، لتصريحات غير ملزمة من دول العالم وقادته. أضف إلى ذلك فشل العالم في جمع الأموال اللازمة، التي تقدر بتريليونات الدولارات، لمواجهة مخاطر التغير المناخي.

لا بد من التزام دول العالم بتنفيذ بنود اتفاقية باريس، التي أبرمت في العام 2015، ”بحيث لا تزيد درجة الحرارة حول العالم، عن المستويات الحالية، على 1.5 درجة مئوية“، وكل ذلك عبر العمل الجاد وصولا إلى الحياد الكربوني عندما يتعلق الأمر بانبعاثات الغازات الدفيئة (ثاني أكسيد الكربون والميثان تحديدا).

على الجميع إدراك أن درجات الحرارة حول العالم تتفاقم بشراسة، وقد ”زادت من احتمالات أن يتجاوز عام 2024 عام 2023 ليصبح الأعلى حرارة على الإطلاق على كوكب الأرض“.

نحن فعليا أمام مفترق طرق: إما أن نتجاهل قوانين الطبيعة الصارمة ونستمر في استنزاف مواردها بطريقة جائرة ستؤدي إلى هلاكها وهلاكنا معها، أو نتحرك ونقف صفا واحدا لحماية مستقبل الأرض ومستقبل وجودنا قبل كل شيء.

الأرض تغلي وسنغلي معها قريبا. لنعمل جميعا لتجنب الجحيم المناخي القادم إن أسعفنا الوقت قبل كل شيء.