الصين والطاقة النظيفة… بدائل وتحديات

Sep 14, 2024

لا تزال نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مستمرة بالارتفاع، والناتجة خاصة من احتراق الوقود الأحفوري في دول العالم المصدرة له، والمسبّبة للاحتباس الحراري.

وتُعد الصين الأعلى من بين دول العالم في نسبة الانبعاثات، التي تأتي عبر حساب مقياس كمية الانبعاثات إلى نسبة الناتج المحلي الإجمالي للدول المصدرة، إذ تطلق الصين حوالي 27% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

وقد أشار تقرير المناخ الصادر من مجموعة البنك الدولي في عام 2022 إلى قدرة الصين على الوفاء بالتزاماتها المناخية والتحوّل إلى الاقتصاد الأخضر قبل حلول عام 2030، وتحييد أثر الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2060، مع الحفاظ على أهدافها الاقتصادية والتنموية.

ويأتي هذا التحرك السريع بسبب الحاجة الملحّة مع ضخامة الانبعاثات، إذ يتعرّض السكّان ومكونات البنية التحتية الاقتصادية لخطر تداعيات تغير المناخ، خاصة في المناطق الاقتصادية والمكتظة، والتي يقطن فيها ما يعادل خُمس السكّان، وتُسهم في إنتاج ثُلث إجمالي الناتج المحلي للصين.

وانطلقت خطة العمل لخفض الكربون لعامي 2024 و2025، الصادرة عن الحكومة الصينية، لاستهداف خفض الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون بنحو 130 مليون طن متري في مناطقها الرئيسية لهذين العامين، كما تستهدف الخطة أيضا خفض استهلاك الطاقة، وهي قيد التنفيذ من خلال سلسلة من الإجراءات لتعزيز حفظ الطاقة، وخفض وتحسين سوق الكربون.

ومع ذلك تبقى هناك بعض التحديات، إذ شهدت الصين في عام 2023 ارتفاع مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لمستوى قياسي جديد رغم الخطط الموضوعة للطاقة النظيفة، وذلك بسبب ارتفاع توليد الطاقة من الفحم، والتي تم استخدامها لمواجهة ضعف الطاقة الكهرومائية بعد موجة الجفاف وشحّ المياه التي ضربت البلاد في صيف 2022.

ومع هذا الإجراء المؤقت، وضعت الصين خطة بديلة لمواجهة الجفاف في السنوات المقبلة من خلال بناء السدود الضخمة لإنتاج كميات قياسية للكهرباء في نفس العام، كما وضعت خطط استثمارية وضريبية داعمة للتحوّل الأخضر، مثل تشجيع المركبات الكهربائية والأجهزة الموفرة للطاقة واستخدام مواد صديقة للبيئة.

وفيما يتعلق بالطاقة الشمسية، أضافت الصين 45.8 غيغاواط في الربع الأول لعام 2024، في حين بلغت سعة إنتاج طاقة الرياح 15.5 غيغاواط لنفس الفترة. وتكمن أهمية هذه النِسَب في أن طاقة الشمس والرياح ستُساهم إيجابا في إنتاج الكهرباء، وبالتالي تقليل الحاجة إلى حرق الفحم، لترتفع نسبة مساهمة الطاقة المجددة إلى 40% من إجمالي إنتاج الطاقة في البلاد، مع سعيها إلى تجاوز هذه النسبة في النصف الثاني من العام الحالي، بالرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها والخسائر التي تكبدتها الشركات الكبرى في النصف الأول من عام 2024 والناتجة عن الفائض الهائل في القدرة الإنتاجية، والذي أدّى بدوره إلى خفض الأسعار، وفي المقابل زيادة الطلب على الألواح الشمسية وارتفاع أسعارها.

كل هذه التحديات تتطلب اتخاذ بعض الإجراءات الحكومية، مثل إغلاق بعض المصانع وبناء مصانع جديدة، وتحديد سقف للأسعار، وتعزيز عمليات الاندماج بين الشركات، وذلك لتحقيق التوازن المالي والاستدامة على المدى الطويل. كما يكمن التحدّي الأكبر للصين في التخلّص من إنتاج الفحم، وذلك عبر تبنّي استراتيجية التخلّص التدريجي كما هو الحال في دول الاتحاد الأوروبي وباقي دول العالم.

بقلم: فاطمة الجابر – جريدة الشرق