كيف يؤثر التغير المناخي العالمي في مستقبل تعليم الأطفال؟

Sep 02, 2024

مع اشتداد ظواهر التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، فإن الأطفال أكثر من يعاني من آثارها، إذ تكون أجسادهم أكثر عرضة لدرجات الحرارة المرتفعة من غيرهم بسبب بنيتهم الضعيفة، وينعكس ذلك على كثير من جوانب حياتهم، بما فيها التعليم.

وأدّت موجات الحرّ الشديدة إلى إغلاق المدارس لعدة أيام في معظم أنحاء العالم مؤخرا، ما يُشكّل تهديدا مباشرا لتعليم الأطفال. ووفقا لتقرير لليونيسف بعنوان ”تهديد للتقدم“، يعيش ما يقرب من نصف مليار طفل في مناطق تتعرّض على الأقل لضعف عدد الأيام شديدة الحرارة التي عايشها أجدادهم، بالإضافة إلى افتقار كثير منهم إلى البنية التحتية أو الخدمات اللازمة لتحملها.

وعلى سبيل المثال، أظهر التقرير أن الأطفال في جنوب السودان يعيشون متوسطا ​​سنويا 165 يوما شديد الحرارة خلال هذا العقد، مقابل 110 أيام في ستينيات القرن الماضي، فيما قفز الرقم في باراغواي إلى 71 يوما من 36 يوما خلال نفس الفترة، كما توجد 8 دول، منها مالي والنيجر والسنغال وجنوب السودان والسودان، تضمّ أطفالا يقضون أكثر من نصف العام في درجات حرارة تزيد على 35 درجة. أما في الولايات المتحدة، فيتعرّض 36 مليون طفل لموجات حرّ مضاعفة عما كانوا يتعرّضون له قبل 60 عاما، فيما يتعرّض 5.7 مليون طفل لأربعة أضعاف.

تأثير التغير المناخي في تعليم الأطفال

ومن المتوقّع أن يشعر الأطفال في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بالتأثيرات الأكثر خطورة للتغير المناخي، وهي المناطق الأقل مسؤولية عن انبعاثات الغازات المسبّبة لتغير المناخ، إذ أغلقت باكستان نصف مدارسها لأسبوع كامل، في مايو الماضي، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، أي أن 26 مليون طفل لم يتمكنوا من متابعة تعليمهم لمدة أسبوع.

كما أغلقت بنغلاديش المدارس لنصف طلابها خلال موجة الحرّ في أبريل الماضي، ما أثّر في 33 مليون طفل، ومثلها جنوب السودان في نفس الشهر. كذلك أمرت الفلبين بإغلاق المدارس لمدة يومين في تلك الفترة، عندما وصلت الحرارة إلى مستويات الخطر.

وأشار التقرير إلى أن الفجوة بين الأجيال أكثر وضوحا في بعض أفقر بلدان العالم، فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن يتعرّض ما يقرب من 40% من الأطفال في بنين و66% من الأطفال في ساحل العاج لأيام شديدة الحرارة في حياتهم أكثر بمرتين من الأيام التي عايشها أجدادهم، وينطبق هذا أيضا على طفلين من كل ثلاثة أطفال في فلسطين.

ويشعر بعض البلدان الغنية بتلك الفجوة أيضا، إذ تُشير التقديرات إلى أن 85% من الأطفال في فرنسا و76% في اليونان سوف يعانون ضعف عدد أيام الحرّ الشديد مقارنة بأجدادهم في ستينيات القرن العشرين.

وقدّر مكتب الأمين العام للأمم المتحدة مؤخرا أن ما لا يقل عن 80 مليون طفل كانوا خارج المدارس حول العالم في عام 2024 نتيجة درجات الحرارة المرتفعة، كما أن موجات الحرّ تؤدي إلى زيادة صعوبة التعلّم، إذ تؤثر درجات الحرارة شديدة الارتفاع في نتائج التعلّم بما في ذلك درجات الاختبارات، إضافة إلى تأثّر نمو المخ حيث يستشعر الحرارة الشديدة باعتبارها تهديدا لسلامة الجسم، فيُحفز بذلك نظام الاستجابة للتوتر.

ووفقا للتقرير، فإن درجات الحرارة المرتفعة ليست المسؤولة الوحيدة عن تهديد تعليم الأطفال، فهناك ظواهر مناخية أخرى منها الفيضانات، إذ أحدثت دمارا كبيرا في المدارس أيضا، وعلى سبيل المثال، أدّت الفيضانات المُميتة في البرازيل إلى إغلاق المدارس لأسابيع، ما أثّر في عشرات الآلاف من الطلاب.

هل يمكن التعامل مع الأزمة؟

وفقا للعلماء، فإن الطريقة الوحيدة لمعالجة ارتفاع درجات الحرارة العالمية هي الابتعاد عن إحراق الوقود الأحفوري، وهو المحرك الأساسي للاحتباس الحراري العالمي، إضافة إلى حاجة المدارس لمعرفة كيفية التعامل مع ارتفاع درجات الحرارة بدلا من إغلاقها أمام الطلاب، إذ يجب ترميم مباني المدارس بما يُقاوم ارتفاع درجات الحرارة داخل الفصول الدراسية بشكل أكثر فاعلية، مع عزل أفضل وطلاء عاكس أبيض، ونباتات خضراء على الأسطح، وأشجار الظلّ على محيط المدرسة.

المصدر: تي آر تي عربي