الموجة الجديدة من منكري تغير المناخ

Aug 28, 2024

بإمكاننا وصف العالم اليوم بكلمة واحدة: حارّ، فقد اجتاحت موجات حرّ شديدة جميع القارات، وسجّل الكثير من دول العالم درجات حرارة تجاوزت الـ50 درجة مئوية.

كما التهمت حرائق الغابات مساحات شاسعة من العالم بشكل غير مسبوق، وتعرّضت الشعاب المرجانية لرابع حالة تبيّض جماعي مسجّلة. ورغم ذلك، يتواصل تدفق سيل من الهراء المناخي المضلّل والمليء بالمعلومات الخاطئة أو التصريحات المثيرة للحيرة في مواجهة مشكلة واضحة على نحو متزايد.

وأمامي حالة أولى تخصّ إيلون ماسك، إذ كان ماسك يوما ما صوتا للعقل فيما يتعلق بالتغير المناخي، فخلال العام الماضي، تفاخر الملياردير البارز في قطاع التكنولوجيا قائلا ”لقد بذلت من أجل البيئة ما لم يفعله أي شخص آخر على وجه الأرض“.

وفي 2017، وصف ماسك الاحتباس الحراري بأنه ”أكبر تهديد يواجه البشرية هذا القرن، وذلك إذا استبعدنا الذكاء الاصطناعي“، ولكنه مؤخرا، وفي حوار على منصة إكس مع دونالد ترامب، صرّح بأن الخطر المناخي ليس بالفداحة التي اعتقدها الكثيرون في حقيقة الأمر، قبل خوضه في تفسير محيّر وراء تصريح بأن لدينا وقتا طويلا لمعالجة الأمر.

وقال في ذلك اللقاء مع ترامب ”ستبدأ في الشعور بالصداع والإعياء إذا ما واصل تراكم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ازدياده من متوسط المستويات المسجّلة اليوم البالغة قرابة 420 جزءا في المليون إلى ما يزيد على 1,000 جزء في المليون، لكن ما زال لدينا وقت طويل ولا نحتاج إلى التعجّل، بما أننا نضيف نحو جزءين في المليون من ثاني أكسيد الكربون سنويا“.

وهذا هراء كبير للغاية، إذ ستكون الحرارة والفيضانات وكوارث الحرائق التي نشهدها اليوم بسبب الاحتباس الحراري الناجم عن ثاني أكسيد الكربون المتراكم هيّنة مقارنة بما قد يحدث إذا ارتفعت هذه المستويات إلى ما يقارب 1,000 جزء في المليون.

وفي حقيقة الأمر، إن عقودا من الفشل في المسارعة إلى كبح الانبعاثات الكربونية يعني وجوب خفضها سريعا من أجل تفادي وقوع تغييرات لا يمكن عكسها لعدد من الأنظمة الطبيعية التي يعتمد عليها البشر، وفي هذه الحالة سيكون الصداع أقل مشكلاتنا حدّة، بكل تأكيد.

إنني أرى تحليل ماسك شبيها بأن تقول إن تناولك كميات هائلة من الآيس كريم يوميا في الفطور والغداء والعشاء طيلة أعوام سيجعلك تشعر بصداع تجميد الدماغ، وقد يكون هذا صائبا من الناحية الفنية، لكنه لا يُقارن بالدمار الأوسع نطاقا.

إن فكرة أن يصبح ماسك مصدرا للمشورة المناخية لترامب حال إعادة انتخابه مُقلقة، وينطبق الأمر ذاته على مشروع 2025، أو ذلك المخطط المثير للجدل المكوّن من أكثر من 900 صفحة، والذي تأمل مراكز بحثية محافظة في أن تستخدمه الإدارة الثانية لترامب في إصلاح الحكومة الأمريكية.

إن هذا المخطط يعج بالهراء المناخي، وعلى الرغم من محاولة ترامب إبعاد نفسه عنه، إلا أنه يحوي إسهامات من حلفاء وأعضاء بإدارته، ويشمل المخطط قسما يطالب بـ”تفكيك الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي“، التي تضم الخدمة الوطنية للطقس والخدمة الوطنية للمحيطات وغيرهما من الوكالات العلمية.

وجاء في مشروع 2025 ”معا، تُشكّل هذه الوكالات آلية عملاقة أصبحت واحدة من المحركات الأساسية وراء صناعة القلق بشأن التغير المناخي، وبالتالي فهي ضارّة برفاهة الولايات المتحدة مستقبلا“، ويُعد هذا وصفا مزعجا ومربكا لمجموعة تقدم معلومات مهمة مثل توقعات الطقس وتتبع الأعاصير والبيانات المناخية.

وإذا ما كانت هذه المجموعة يُنظر إليها على أنها تُمثّل تهديدا لرفاهة الولايات المتحدة، فلك أن تتساءل وراء سبب وجود وكالات تُقدم مثل هذه الخدمات في العديد من الدول الأخرى. وبموازاة ذلك، توجد مستويات محيّرة من الترّهات المناخية خارج الولايات المتحدة، ففي أوروبا، نشرت الصحف الكثير من الادعاءات التافهة التي تقول إن المضخات الحرارية، والتي تُمثّل البديل الأكثر مراعاة للبيئة لغلايات الغاز، تَتّسِم بأنها شديدة الضعف وصاخبة للغاية، علاوة على كونها صعبة التركيب، وهو ما دفع مجموعة من الخبراء الفنيين والباحثين على العمل من أجل دحض هذه الحُجج.

وفي أستراليا، استحق توني أبوت، رئيس الوزراء الأسبق، الميدالية الذهبية في بثّ الترّهات منذ أيام، حينما أشار في مقال صحفي إلى أن لا شيء تفعله أستراليا سيُشكّل فارقا للمناخ، بافتراض أن انبعاثات البشرية من ثاني أكسيد الكربون هي حقا الشرير في مسألة المناخ. ولسوء الحظ، تُعد الانبعاثات البشرية من ثاني أكسيد الكربون هي الشرير في القصة بالفعل، وهو ما تخبرنا إياه غالبية تقارير علوم المناخ الموثوقة.

يوم ما، ستتوقّف كل هذه الترّهات المضلّلة، ولكن من الصعب معرفة توقيت حدوث هذا، لذا فمن الأفضل مواصلة متابعة أكثر مصادر الترّهات فظاعة والعمل على تفنيدها.

بقلم: بيليتا كلارك – فايننشال تايمز