الطوب الحراري… تقنية عمرها 3000 سنة قد تحل مشكلة المناخ

Aug 23, 2024

تقنية تعود جذورها إلى العصر البرونزي قد تكون مفتاحا للتحوّل السريع نحو الطاقة النظيفة بأقل تكلفة، وفقا لدراسة حديثة، نُشرت في دورية بي إن إيه إس نيكسوس، وقادها فريق من جامعة ستانفورد الأميركية.

ويعتقد الباحثون أن هذه التقنية قد تُساهم في تحقيق هدف الأمم المتحدة للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وتتلخص في استخدام الطوب الحراري لتخزين الحرارة.

ويُصنع الطوب الحراري من مواد بسيطة ومستدامة مشابهة للطوب العازل الذي كان مُستخدما في الأفران القديمة وأفران الحديد منذ آلاف السنين.

وقال مارك جاكوبسون، أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في جامعة ستانفورد، والباحث الرئيسي للدراسة، إن ”المواد الكيميائية الموجودة في الطوب الحراري هي المواد الكيميائية نفسها الموجودة في الطين والرمل، ما يجعله خيارا مستداما وآمنا بيئيا للإنتاج واسع النطاق“.

وأضاف جاكوبسون ”الفرق بين تخزين الطوب الحراري وتخزين البطاريات هو أن الطوب يُخزّن الحرارة بدلا من الكهرباء، وهو أقل تكلفة بعشر مرات من البطاريات“، متوقّعا أن النظام الحراري يمكن أن يلغي الحاجة إلى الأفران التقليدية، حيث يمكن تسخين الطوب مباشرة باستخدام الكهرباء، ما يُسهم في خفض التكاليف بشكل كبير، وهو ما يجعله خيارا جذابا للشركات الصناعية.

وتعتمد التكنولوجيا على تجميع الطوب الحراري في حاوية معزولة، حيث يتم تخزين الحرارة الناتجة عن كهرباء مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، ويمكن استخدام هذه الطاقة الحرارية لاحقا في العمليات الصناعية عند الحاجة، حتى عندما تغيب أشعة الشمس أو تتوقف الرياح، إذ تنطلق الطاقة الحرارية عبر تمرير الهواء خلال قنوات في الطوب، ما يسمح لمنشآت الإنتاج مثل مصانع الأسمنت والصلب والزجاج بالعمل على طاقة متجددة بشكل مستمر.

وتضمّنت الدراسة نماذج حاسوبية لاستشراف مستقبل الطاقات المتجددة في 149 دولة، ووجدت أن استخدام الطوب الحراري قد يُقلّل تكاليف رأس المال بحوالي 1.27 تريليون دولار مقارنة بالحلول التي تعتمد بالكامل على البطاريات، كما يمكن أن يُقلّل هذا النظام من الطلب على الطاقة من الشبكة والحاجة لتخزين الكهرباء، ما يُساهم في تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بشكل أسرع.

وأكّد جاكوبسون أن ”الطوب الحراري يُوفّر حوالي 90% من الحرارة المطلوبة للعمليات الصناعية، خاصة للحرارة العالية التي تتراوح بين 150 إلى 2000 درجة مئوية، ما يجعله الخيار الأمثل للعديد من التطبيقات الصناعية“، موضحا أن ”الحرارة الشمسية، على الرغم من أنها متاحة فقط خلال النهار، فإنها يمكن أن تدعم بعض التطبيقات“.

ورغم الفوائد المتعددة، يُشير جاكوبسون إلى تحديّات تواجه تبني هذه التكنولوجيا، قائلا إن ”المصانع القائمة التي استثمرت في بنيتها التحتية قد لا تكون متحمّسة لتحويل أنظمتها بسهولة“، ولكنه أكّد أن المجمعات الصناعية الجديدة أو تلك التي تحتاج إلى تحديث معداتها ستكون أكثر استعدادا لاعتماد الطوب الحراري، داعيا إلى ضرورة تبني سياسات ومحفّزات حكومية لتسريع التحوّل نحو هذه التقنية.

ويُبرز جاكوبسون أهمية الطوب الحراري في حل مشكلات تذبذب إمدادات الطاقة المتجددة، قائلا ”يمكن تسخين الطوب الحراري عند توفر الكهرباء من المصادر المتجددة، وبالتالي يمكن تخزين الحرارة واستخدامها في وقت الحاجة، ما يحل مشكلة التذبذب في الإنتاج المتجدد“.

وتُعتبر تقنية الطوب الحراري مثالا على كيفية توظيف حلول قديمة بطرق جديدة لتحقيق أهداف بيئية واقتصادية. وفي ظلّ الحاجة الملحّة إلى التحوّل نحو طاقة نظيفة ومستدامة ومواجهة العواقب المناخية القاسية، يُقدّم هذا الطوب فرصة فريدة لخفض التكاليف، وتوفير حلول تخزين حراري للصناعات الكبيرة. ومع الدعم الحكومي المناسب، يمكن أن تكون هذه التقنية جزءا أساسيا من الاستراتيجية العالمية لتحقيق مستقبل خال من الانبعاثات.

المصدر: دورية بي إن إيه إس نيكسوس