مستقبل المناخ في ظل الصراعات

Aug 18, 2024

يُشكّل مستقبل المناخ في العالم، في ظلّ الحروب والظروف الحالية، تحديا معقدا ومتداخلا، إذ تلعب النزاعات المسلحة والتوترات السياسية دورا كبيرا في تفاقم أزمة المناخ.

وفي سياق الحروب، تتعرّض البيئة لتأثيرات متعددة، إذ تُؤدّي النزاعات إلى تدمير البنية التحتية، بما في ذلك المنشآت البيئية مثل محطات معالجة المياه ومعامل الصرف الصحي، وهذه الخسائر تجعل من الصعب إدارة الموارد الطبيعية بشكل فعّال، ما يُسبّب تلوّثا مفرطا للموارد المائية والتربة.

إلى جانب ذلك، تُسهم الأضرار التي تلحق بالغابات والمناطق الطبيعية في تسريع فقدان التنوع البيولوجي، وهو ما يُؤدّي بدوره إلى تأثيرات سلبية على النظم البيئية التي تعمل على امتصاص الغازات الدفيئة.

وتستخدم الأسلحة والآلات الحربية كميات هائلة من الوقود الأحفوري، ما يفاقم انبعاثات الكربون ويزيد من احتباس الحرارة في الغلاف الجوي، كما تُؤدّي عمليات التدمير والتخريب في مناطق الصراع إلى تلوّث الهواء والتربة.

وتتسبّب النزاعات كذلك في تفاقم قضايا الهجرة المناخية، إذ يُصبح السكان مجبرين على مغادرة مناطقهم عندما تتعرّض للدمار والتلوّث بحثا عن بيئات أكثر استقرارا، ما يخلق أزمات إنسانية إضافية، كما أن هذه الهجرات الجماعية قد تُؤدّي إلى توترات جديدة بين الدول والمجتمعات، ما يجعل من الصعب تنفيذ سياسات فعّالة لمواجهة التغير المناخي.

وغالبا ما تُقوّض الحروب والنزاعات التعاون الدولي لمكافحة التغير المناخي، إذ تتطلّب التحديات البيئية تنسيقا عالميا واتفاقيات دولية، ولكن النزاعات تُعرقل هذه الجهود وتُضعِف التزامات الدول بالاتفاقيات البيئية، فتقل فعالية التدابير المتخذة لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات البيئية.

كما يتطلب التصدّي للتحديات البيئية توجيه الاهتمام نحو تعزيز السلام والاستقرار بحيث يمكن للمجتمعات والدول أن تعمل معا بشكل أكثر فعالية، ومن الضروري تعزيز الاستثمارات في تقنيات الطاقة النظيفة وإعادة بناء البنية التحتية البيئية المدمّرة بعد النزاعات، وذلك لتقليل التأثيرات السلبية على المناخ، ويتوجّب أيضا تعزيز الجهود الدولية لتحقيق أهداف المناخ العالمية وضمان أن تكون الاستجابات للأزمات البيئية متوافقة مع مبادئ التنمية المستدامة.

إن التحديات التي تفرضها الحروب والنزاعات على مستقبل المناخ تُؤكّد الحاجة الملحّة لتبنّي نهج متكامل يجمع بين تعزيز الاستقرار والسلام واتخاذ خطوات فعالة لمكافحة التغير المناخي، إذ تتطلب معالجة أزمة المناخ في ظلّ الحروب والظروف الحالية نهجا شاملا يجمع بين السلام والتنمية المستدامة، وهما مفتاحان أساسيان لضمان مستقبل أكثر استقرارا وأمنا بيئيا.

بقلم: ندى عبداللطيف – التنسيقية