أوروبا تعود مجددا إلى المحطات النووية في ظل أزمة المناخ

Aug 12, 2024

في ظلّ التحديات التي تفرضها أزمة الطاقة العالمية والتغيرات المناخية، بدأ الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في الدور الذي يمكن أن تلعبه الطاقة النووية في المستقبل.

وبينما تُواصل الدول الأوروبية البحث عن حلول جديدة لضمان أمن الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية، بدأت الطاقة النووية تستعيد مكانتها كمصدر محتمل للطاقة النظيفة. ورغم المخاوف البيئية والاقتصادية التي أثارتها بعض الكوارث النووية السابقة، يرى البعض أن التحوّل نحو الطاقة النووية قد يكون خطوة ضرورية للتعامل مع الأزمات الحالية والمستقبلية.

وخلال قمة الطاقة النووية الأولى، التي عُقدت في بروكسل في مارس الماضي، صرّحت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بأن التكنولوجيا النووية يمكن أن تكون عنصرا أساسيا في التحوّل نحو الطاقة النظيفة، حيث تم تسليط الضوء خلال القمة على إمكانات الطاقة النووية في تعزيز أمن الطاقة وتحقيق الأهداف المناخية واستقرار أسعار الطاقة.

ورغم ذلك، فإن الكوارث النووية الكبرى، مثل كارثة فوكوشيما في اليابان وتشيرنوبل في أوكرانيا، شكّلت الرأي العام في الاتحاد الأوروبي بشكل سلبي تجاه الطاقة النووية، خاصة في ما يتعلق بالسلامة والمخاوف البيئية.

ومن ناحية أخرى، ينتقد المعارضون ارتفاع تكلفة إنشاء محطات الطاقة النووية والمخاطر المتعلقة بالتعامل مع النفايات النووية وتخزينها، بالإضافة إلى الآثار البيئية للتلوّث النووي والحوادث المرتبطة به، مشيرين إلى التأثير البيئي لتعدين اليورانيوم والمخاوف المتعلقة بالإشعاع.

وأشارت أورسولا فون دير لاين إلى اختلاف وجهات النظر داخل الاتحاد الأوروبي بشأن الطاقة النووية، إذ أكّدت أنه بعد أزمة الطاقة العالمية التي سبّبتها الحرب الروسية الأوكرانية، بدأت العديد من الدول تُعيد تقييم الدور الذي يمكن أن تلعبه الطاقة النووية.

وتُشير توقّعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمفوضية الأوروبية إلى أن الطاقة النووية ستزداد أهميتها بحلول عام 2050، وستكون مُكمّلا للطاقة المتجددة التي ستظل العمود الفقري لإنتاج الطاقة في الاتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من تراجع دور الطاقة النووية على مستوى الاتحاد الأوروبي والعالم، حيث انخفضت حصّتها في مزيج الكهرباء العالمي من 18% في عام 1988 إلى 9% حاليا، فقد أكّدت فون دير لاين أهمية إطالة عمر المحطات النووية الحالية كوسيلة لتوفير الطاقة النظيفة بشكل واسع وبتكلفة منخفضة.

وفي مارس الماضي، طالبت 12 دولة من دول الاتحاد الأوروبي، المنضمّة إلى التحالف النووي الأوروبي، بزيادة التمويل الموجّه للطاقة النووية، داعية المؤسسات المالية إلى ضخ استثمارات في مجال توليد الطاقة النووية والتعامل معها على قدم المساواة مع مصادر الطاقة المتجددة.

ويضمّ التحالف دولا مثل بلغاريا، كرواتيا، فنلندا، فرنسا، المجر، هولندا، بولندا، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، التشيك، السويد، والتي التزمت بتطوير وسائل تمويل خاصة وعامة لاستغلال إمكانيات الطاقة النووية. ومع ذلك، تُعارض دول أخرى مثل الدنمارك، إسبانيا، لوكسمبورج، وألمانيا هذا الاتجاه.

وفي مجال التكنولوجيا النووية، تسعى المفوضية الأوروبية إلى دعم تطوير المفاعلات المعيارية الصغيرة للمساعدة في خفض الانبعاثات الكربونية، حيث أطلقت تحالفا صناعيا أوروبيا بهدف جمع الحكومات والجهات المعنية لتسريع تطوير هذه التكنولوجيا، التي أصبحت مجالا للسباق مع كل من الصين، والولايات المتحدة، وروسيا.

المصدر: د ب أ