الطاقة المتجددة ومعالجة أزمة المناخ

Aug 10, 2024

تلعب الطاقة المتجددة دورا محوريا في معالجة أزمة المناخ التي تواجه العالم. وفي ظلّ التحديات البيئية المتزايدة، يتزايد الوعي العالمي بأهمية التحوّل نحو مصادر الطاقة المستدامة والمتجددة، مثل الطاقة الشمسية، والرياح، والطاقة المائية، والطاقة الحرارية الأرضية، والتي تُعد مصادر صديقة للبيئة، وتُوفّر حلولا اقتصادية واجتماعية على المدى الطويل.

وكما لا يخفى على أحد، يُعد الوقود الأحفوري، الذي يُعتمد عليه حاليا بشكل كبير لتلبية احتياجات الطاقة، المساهم الرئيسي في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المتسبّبة في ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتغير المناخ، ما أدّى إلى حدوث العديد من الظواهر البيئية السلبية، مثل ذوبان الجليد في القطبين، وارتفاع مستويات سطح البحر، وزيادة تكرار وشدّة الكوارث المناخية.

لذا، فإن الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة سيُقلّل بشكل كبير من هذه الانبعاثات الضارّة. فمثلا، تُعتبر الطاقة الشمسية واحدة من أكثر مصادر الطاقة المتجددة فعالية، حيث يمكنها أن تُسهم بشكل كبير في تحقيق هدف الحدّ من انبعاثات الكربون.

كما أن تقنيات الطاقة الشمسية، مثل الألواح الشمسية والخلايا الكهروضوئية، أصبحت أكثر فعالية وكفاءة بفضل التطورات التكنولوجية. وبمرور الوقت، انخفضت تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية بشكل كبير، ما جعلها أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية للدول والشركات والأفراد.

وتُعد طاقة الرياح مصدرا هاما آخر للطاقة المتجددة، مثل تركيب مزارع الرياح البرية والبحرية التي يمكن أن تُوفّر كميات كبيرة من الكهرباء النظيفة والمتجددة، ما يُساهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويُعزّز من تنويع مصادر الطاقة.

وتتميز طاقة الرياح بكونها أحد أقل مصادر الطاقة تكلفة بعد تركيب البنية التحتية الأولية، وتُعد حلّا مثاليا للمناطق الريفية والنائية التي قد تعاني من نقص في الوصول إلى الكهرباء.

وفيما يتعلق بالطاقة المائية، فإنها تُعتبر من أقدم وأهم مصادر الطاقة المتجددة، إذ تُوفّر طاقة نظيفة ومستدامة عبر استخدام المياه لتوليد الكهرباء من خلال السدود ومحطات الطاقة الكهرومائية، كما أنها تُساهم في إدارة الموارد المائية بشكل أكثر فعالية من خلال تحسين إدارة المياه وتوفير الريّ للمناطق الزراعية.

أما الطاقة الحرارية الأرضية، فهي مصدر آخر للطاقة المتجددة التي تعتمد على استخدام الحرارة المخزنة في باطن الأرض لتوليد الكهرباء أو لتسخين المياه والتدفئة، حيث تُعتبر هذه الطاقة نظيفة ومستدامة، إذ أنها لا تنتج انبعاثات كربونية، وتعمل على مدار السنة بغض النظر عن الظروف الجوية.

ورغم الفوائد البيئية والاقتصادية للطاقة المتجددة، إلا أن هناك تحديّات تُواجه هذا التحوّل، ومن بين هذه التحديّات، الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية والتكنولوجيا.

كما أن هناك بعض المشاكل المتعلّقة بتخزين الطاقة المتجددة ونقلها، خاصة في حالة الطاقات المتقطعة مثل الطاقة الشمسية والرياح، ولتحقيق الاستفادة القصوى من الطاقة المتجددة، يجب تطوير حلول مبتكرة لتخزين الطاقة وتوزيعها بكفاءة.

إضافة إلى ذلك، تلعب السياسات الحكومية والتمويلات العامة دورا حاسما في تعزيز التحوّل نحو الطاقة المتجددة، وذلك من خلال تقديم الحوافز الضريبية والتسهيلات المالية للاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة لتشجيع الشركات والأفراد على تبني هذه التقنيات.

ختاما، يمكن القول إن الطاقة المتجددة تُعد حلّا لأزمة المناخ وضرورة ملحّة لمواجهة التحديّات البيئية الراهنة. ومع التزام عالمي جادّ ودعم من الحكومات والمجتمعات، يمكن أن تلعب الطاقة المتجددة دورا محوريا في تحقيق مستقبل مستدام وأقل اعتمادا على الوقود الأحفوري، ما يُساهم في حماية كوكبنا.

بقلم: مصطفى بوريابة – الحدث الإفريقي