أزمة المناخ تهدد أشجار الزيتون في منطقة البحر الأبيض المتوسط

Aug 07, 2024

أظهرت دراسة جديدة، نُشرت في دورية ساينتفك ريبورتس، أن الأمراض البكتيرية ستشكل، مع استمرار درجات الحرارة العالمية في الارتفاع، تهديدا متزايدا لأشجار الزيتون في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وتوقّعت الدراسة أن يتوسّع انتشار نوع من البكتيريا، قضت إلى الآن على ملايين أشجار الزيتون في إيطاليا وإسبانيا بسبب التأثيرات المتصاعدة لتغير المناخ، لتصل نسبة أشجار الزيتون المُصابة إلى حوالي الثلثين في بعض المناطق.

وتنتقل هذه البكتيريا القاتلة، المعروفة باسم زيليلا فاستيديوسا، عبر الحشرات الآكلة للخشب وتتسبّب فيما يُسمّى بـ”مرض بيرس“ الذي يُصيب 600 نوع من النباتات أبرزها أشجار الزيتون والعنب، ويُحدث انسدادا في قنوات التغذية داخل أنسجتها الحية، ما يعيق قدرتها على النمو.

وعندما تصل البكتيريا إلى الجذور، تمنع الشجرة من امتصاص العناصر الغذائية وبالتالي تتسبّب في موتها. وغالبا ما تكون الأعراض التي تظهر على الشجرة المُصابة مشابهة لتلك الناتجة عن الإجهاد المائي مثل بروز كدمات على الأوراق وجفاف الأغصان. وليس من السهل التعرّف عليها من الإصابة الأولى، إذ أن الأعراض لا تظهر إلا بعد عام تقريبا.

وأظهرت حالات تفشّي المرض في البلدان الأوروبية أن حشرة ”بقة المروج ذات البصاق“، المنتشرة في أوروبا وشمال إفريقيا وشمال القارة الأميركية وبعض المناطق الآسيوية، هي الناقل الرئيسي لهذه البكتيريا.

وكشف الباحثون أن الاحترار العالمي يعمل على زيادة وتيرة انتشار هذا المرض بين غابات الزيتون حول البحر المتوسط، إذ أن زيادة درجة الحرارة إلى أكثر من 3 درجات مئوية يمكن أن تُؤدّي إلى تفاقم خطر الإصابة بهذه البكتيريا بشكل خطير في المناطق التي كانت تعتبر آمنة في السابق.

وتبدو العلاقة بين المناخ وحدوث الأمراض النباتية وطيدة، حيث تلعب درجات الحرارة المواتية دورا حاسما في إثارة تفشي الأوبئة، وهو ما أكّده مانويل ماتياس، المعد الرئيسي للدراسة، قائلا إن ”تغير المناخ محرّك رئيسي في التوزيع العالمي للأمراض البكتيرية النباتية وكثافتها“.

وطوّر الباحثون نموذجا شاملا لتوقّع الانتشار المحتمل للمرض في ظلّ سيناريوهات الاحترار المختلفة، ما أظهر أن الزيادات المستمرة في درجات الحرارة على فترات يمكن أن تُؤثّر على انتشار هذا النوع من البكتيريا، إذ يُظهر كل سيناريو نمطا من مخاطر المرض المتزايدة.

وتُشير الدراسة إلى أن دولا، مثل البرتغال واليونان وفرنسا وإيطاليا، ستواجه زيادة كبيرة في مخاطر الإصابة بالعدوى مع ارتفاع درجات الحرارة المتوقعة، وتوقعت ارتفاع المخاطر إلى 47% و63% في كل من البرتغال واليونان على التوالي في حال فاق الاحترار العالمي 3 درجات مئوية، في وقت ستظلّ فيه مستويات المخاطر دون تغيير نسبيا في إسبانيا رغم ارتفاع درجات الحرارة.

وبحسب الباحثين، فإن هذا الاكتشاف المهم يُسلّط الضوء على نقطة تحوّل في إدارة المرض وانتشاره، كما يُشكّل أهمية بالغة للسياسة الزراعية لدول المتوسط والبلدان الأوروبية، إذ أنه يُساعد في وضع استراتيجيات أفضل لجهود المراقبة والتخفيف ضد الأمراض البكتيرية.

المصدر: دورية ساينتفك ريبورتس