مخاطر وعواقب وخيمة لارتفاع درجات حرارة البحار والمحيطات

Aug 07, 2024

ارتفعت درجات حرارة سطح البحار والمحيطات إلى مستويات قياسية خلال الخمسة عشر شهرا الماضية، ما أدى إلى تأجيج موجات الحرّ وذوبان الجليد البحري، وهو ما مثل صدمة لعلماء المناخ.

وقال ماثيو إنغلاند، أستاذ ديناميكيات المحيطات والمناخ في جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، ”لقد كنت متوترا للغاية بسبب مقدار تغير المناخ ورؤية موجات الحرّ البحرية وفقدان الجليد البحري“.

ويخشى خبراء الأرصاد الجوية أن تُغذي المياه الدافئة موسم الأعاصير المكثّف تاريخيا هذا العام، مثلما حدث مع الإعصار بيريل الذي ضرب منطقة البحر الكاريبي وساحل المكسيك وتكساس في يوليو المنصرم.

وقد تصل حرارة البحار والمحيطات إلى حدودها القصوى، ما يحدّ من دورها الحيوي في حماية الكوكب من الكوارث المناخية، إذ امتصت 90% من الحرارة الزائدة ونحو ربع ثاني أكسيد الكربون الناجم عن الأنشطة البشرية.

وقال مايكل ميريديث، عالم المحيطات وقائد العلوم في المسح البريطاني للقطب الجنوبي، ”لا يوجد ما يضمن استمرار قدرة البحار والمحيطات على امتصاص الحرارة الزائدة بدلا من أن تذهب إلى سطح الأرض أو إلى الغلاف الجوي أو إلى القمم الجليدية. لقد كانت تقدم لنا هذه الفائدة المناخية العظيمة لعقود من الزمن“.

وبينما يُكافح العلماء لفهم سبب ارتفاع درجات حرارة البحار والمحيطات إلى مثل هذه المستويات القياسية في عام 2023 واستمرارها في هذا العام، فإن هناك اتفاق على أن الاحتباس الحراري العالمي مساهم رئيسي في هذا الأمر.

ووفقا لتقرير صدر في عام 2019 عن مجموعة العلماء التابعة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن موجات الحرّ البحرية تضاعفت وأصبحت أكثر تواترا وشدّة واتساعا وأطول أمدا منذ عام 1982.

وأضاف التقرير أن ما بين 84 و90% من موجات الحرّ البحرية في الأعوام من 2006 إلى 2015 كانت تعود إلى الاحتباس الحراري الناجم عن الأنشطة البشرية.

ويُؤدي الفشل في وقف ارتفاع درجات حرارة البحار والمحيطات إلى عواقب وخيمة على النظم الإيكولوجية البحرية، بحسب سابرينا سبيتش، عالمة المحيطات الفيزيائية، مؤكّدة أن ”الأنظمة الحيّة ليس لديها الوقت الكافي للتكيّف مع التغيّرات السريعة، مثل الشعاب المرجانية“.

وفي أبريل الماضي، قالت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي إن العالم يشهد ابيضاض المرجان الرابع على مستوى العالم والثاني في غضون 10 سنوات فقط، والذي يحدث عندما تتسبّب درجات الحرارة المرتفعة في طرد الشعاب المرجانية للطحالب التي تعيش في أنسجتها، ما يحوّلها إلى اللون الأبيض.

وأضافت أن الإجهاد الحراري الناجم عن التبييض كان واسع النطاق عبر أحواض المحيطات الأطلسي والهادئ والهندي، مع التبييض الجماعي للشعاب المرجانية في فلوريدا ومنطقة البحر الكاريبي والبرازيل، والحاجز المرجاني العظيم في أستراليا والبحر الأحمر والخليج العربي، وفي مناطق كبيرة من المحيط الهادئ الاستوائي وجنوب المحيط الهادئ.

وتحتوي المياه الأكثر دفئا على كمية أقل من الأكسجين وثاني أكسيد الكربون القابل للذوبان، ما يجعلها أكثر حمضية، متسبّبة في إذابة بُنية الكالسيوم التي تُشكل المرجان. وقد ارتفعت حموضة البحار والمحيطات بنحو الربع منذ عام 1850، وهو العام الذي يُمثل بداية العصر الصناعي المتسبّب في الاحتباس الحراري.

كما أن هناك مخاوف متزايدة من أن ارتفاع درجات حرارة البحار والمحيطات يجعل العالم أقرب إلى ما يُسمّى بنقاط تحوّل المناخ، إذ قد تتسبّب الاضطرابات الصغيرة في حدوث تغييرات كبيرة بشكل غير متناسب في نظام الأرض.

وفي يونيو الماضي، قالت الجمعية البريطانية للقطب الجنوبي إن مياه البحر الدافئة نسبيا تضرب الجانب السفلي من الصفائح الجليدية الكبيرة وتُسرّع حركته إلى المحيط، محذّرة من أن هذه نقطة تحوّل جديدة في ذوبان الغطاء الجليدي في القطب الجنوبي.

وبحسب ميريديث، فإن الأنظمة الجوية تستمد طاقتها من المحيطات، وارتفاع درجات حرارة المياه يجعل العواصف أكثر نشاطا وقوة وتدميرا، كما أن الفيضانات وغمر المياه المالحة للزراعة قد تصبح أكثر تكرارا.

وأضاف ”هذه تكلفة مالية وبشرية كبيرة من حيث الدمار والبنية التحتية وحتى فقدان الأرواح، لذا فإن العواقب خطيرة للغاية“.

ويُحاول العلماء فهم الدور الذي يمكن أن تلعبه الطبقات العميقة للبحار والمحيطات، إذ أن معظم الحرارة يتم امتصاصها وتخزينها في الطبقات العليا حاليا.

المصدر: فاينانشال تايمز