تمويل العمل المناخي وأُفق (كوب29)

Aug 04, 2024

تحدّث سيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، من غرينادا التي دمّرها الإعصار بيريل، عن أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات الأكثر تضرّرا نتيجة التغير المناخي.

وفي ظلّ المعاناة التي تعيشها مجتمعات هذه الجزر الكاريبية الصغيرة وهي تُلَملِم ما تبقى من المنازل والبنى التحتية المدمّرة، أكّد ستيل أن حكومات هذه الجزر النامية تعاني محدودية الموارد المالية، فهي مثقلة بالديون، ولا تملك الإمكانات المالية اللازمة لإعادة بناء ما تم تدميره.

وبحسب ما يُشير إليه ستيل، فإن تأثير الإعصار بيريل يُسلّط الضوء أيضا على المحور الأساسي للتحديات المناخية العالمية، وهو توفير سُبل الوصول إلى التمويل للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية الأكثر عرضة للخطر.

وفي هذا السياق، فإن الاجتماع الثالث لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين، والذي انعقد في 25 و26 يوليو الجاري في ريو دي جانيرو، أبرز إلى حد كبير أهمية المعادلة الخاصة بتمويل العمل المناخي، والضغط على الدول الأعضاء لتحقيق طموحها في إصلاح نظام تمويل العمل المناخي.

وقد تم إنشاء فريق العمل العالمي لمكافحة التغير المناخي (Clima) لتعزيز المواءمة الاقتصادية الشاملة والمالية على مستوى العالم، وتحقيق أهداف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية باريس. ومع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الأطراف (كوب29) في باكو، فإن نتائج اجتماعات وزراء المالية هذا العام، خلال شهري يوليو الجاري وأكتوبر المقبل، سترسم الطريق إلى مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ في أذربيجان.

والأهم من كل ذلك أن نتائج اجتماعات وزراء المالية لدول مجموعة العشرين ستظهر مدى التزام المجتمع الدولي والتقدم المحرز في المسار الذي تم التمهيد له في مؤتمر الأطراف (كوب28) من أجل تنفيذ اتفاقية باريس، خصوصا في ما يتعلق بالاستثمار في عملية التحوّل في مجال الطاقة، إذ أن تمويل المناخ لا يسير بالسرعة الكافية، ما يُؤدّي إلى تفاقم شدّة الاحتياجات المستقبلية، حيث أن المبلغ السنوي المطلوب لتمويل المناخ يبلغ 8 تريليون دولار، وهذا المبلغ سيرتفع إذا استمر العجز في التمويل.

وبحسب تقرير صادر عن فريق الخبراء المعني بتمويل المناخ، تُوجد حاجة إلى توظيف استثمارات بقيمة 2.4 تريليون دولار في كل سنة في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، وذلك بحلول عام 2030، تستهدف أولويات التحوّل العادل في مجال الطاقة، والتكيّف والمرونة والقدرة على التعافي، وحماية البيئة والعمل على إعادة تأهيل الطبيعة.

ويُمثّل هذا الرقم زيادة بمقدار أربعة أضعاف مُقارنة بالمستويات الحالية، إذ أبرز التقييم العالمي الأول أن الاستثمارات في مجال المناخ والتمويل المتاح في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية تُعاني من نقص حادّ، كما أن هذه الأسواق تُعتبر متأخرة عن اللّحاق بالرّكب في مجال الطاقة النظيفة.

إن التحديات التي تواجه جهود تغيير الوضع الراهن الخاص بالتمويل واضحة، فنحن بحاجة لأن نشهد زيادة عاجلة في نِسب التمويل المرتبط بشؤون المناخ بشكل يمنح الأولوية لاحتياجات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، بموازاة توفير حلول للتخفيف من أعباء الديون.

وتسعى مبادرات، على غرار منصة تسريع تحوّل نظام الطاقة التابعة لآيرينا، إلى تعبئة جهود التمويل الضروري وإعادة توجيهها نحو المناطق التي تحتاج إليها بنسبة أكبر في العالم بغرض بناء أو إعادة بناء البنية التحتية، ودعم القطاعات والصناعات الحيوية، مثل الغذاء والزراعة والرعاية الصحية والتعليم، وتأسيس قدرات جديدة في مجال الطاقة.

إن الطبيعة المنهجية لأزمة المناخ تعني أنه من غير الممكن معالجتها بشكل فعّال إلا عبر اعتماد إصلاحات مناسبة وفعّالة تشمل الواقع الاقتصادي ككل، وتكون مصممة لتأمين التمويل اللازم لصالح المجتمعات بغرض الانتقال إلى مناخ مرن وآمن.

بقلم: نوال الحوسني – الاتحاد