العائلة المالكة البريطانية والحدّ من بصمتها الكربونية

Aug 02, 2024

موقف الملك تشارلز الثالث المناصر للبيئة ليس جديدا، فقد دعم -ولا يزال- مشاريع بيئية حول العالم من خلال مؤسسة خاصة أنشأها عندما كان أميرا لويلز، إذ كان للمؤسسة دور بارز في ترويج الزراعة العضوية والاستدامة من خلال مزارعه الخاصة، كما لم ينس العالم خطابه الذي ألقاه في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، عندما دعا قادة الدول إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة تغير المناخ، مشددا على أهمية استعادة المخزون الطبيعي وتعزيز الحلول المستدامة.

ما يُهمنا اليوم هو قرار اتخذته العائلة المالكة البريطانية لاعتماد تقنيات تُساهم في الحدّ من بصمتها الكربونية، إذ تكمن أهمية هذا القرار في لفت الانتباه إلى البصمة الكربونية للأفراد، بعد أن كان الحديث يُركّز على البصمة الكربونية للصناعات والمؤسسات الكبرى.

وأتى القرار في وقت تكشف فيه التقارير حقائق مفزعة عن التغيرات البيئية، منها أن عام 2024 قد يكون الأكثر سخونة على الإطلاق، بل قد يتجاوز عام 2023 الذي كان حارّا بشكل غير مسبوق، وتقرير آخر صادر عن الأمم المتحدة سلّط الضوء على ما أسماه أزمة كوكبية ثلاثية تشمل فقدان التنوع البيولوجي والتلوّث والنفايات.

ولإدراك أهمية القرار الملكي ومعرفة مدى مسؤوليتنا كأفراد، يجب أن نعرف بالتحديد ما هي البصمة الكربونية وكيفية حسابها، فنحن نُسيء للكوكب الذي ندّعي الحرص عليه في الخفاء ثم نبكيه في العلن، ونُساهم بشكل أو بآخر في الأزمة البيئية عبر استهلاك الطاقة والتنقل واستهلاك الغذاء وإدارة النفايات.

وفي كل مرة نركب فيها السيارة أو الطائرة أو الدراجة النارية أو وسائل النقل العام، وفي كل مرة نتناول فيها قطعة ”ستيك“ بدلا من الخضار والبقول، وفي كل مرة نغسل فيها الأطباق والملابس ونشغل أجهزة التبريد والتدفئة، وفي كل مرة نرمي فيها النفايات، نُسيء للكوكب ونضيف إلى بصمتنا الكربونية.

إذن، ما العمل ونحن على مدار الساعة نرتكب سلوكيات تزيد من احترار الكوكب؟

هناك الكثير مما يمكن عمله، حيث يمكننا التنقل على الأقدام أو الدراجة الهوائية، ويمكننا الامتناع عن الرحلات السياحية بالطائرة، ويمكننا تقليص استهلاك اللحوم الحمراء، ويمكننا تدوير النفايات، كما يمكننا الاقتصاد في استهلاك الطاقة.

وقبل الخروج إلى التسوّق، فكّر في عدد الأكياس والعلب البلاستيكية التي تشتريها، وقاطع كل هذه العبوات، ولا تشتري طعاما مغلفا بالبلاستيك، وبدلا من استهلاك الكهرباء للتدفئة والتبريد، فكّر في الألواح الشمسية بديلا، وقبل أن تُدير مفتاح سيارتك لتُحضر ابنك من المدرسة على بعد 500 متر، أو لشراء رغيف خبز من بقّال على بعد شارعين من مكان سكنك، فكّر إن كانت الرحلة تستحق استخدام السيارة أو يمكن القيام بها على الأقدام.

ولأن التغيير، أي تغيير، يبدأ من الفرد ثم ينتقل إلى الجماعة، تكتسب الخطوة التي اتخذها الملك تشارلز والخطوة التي سنتخذها نحن كأفراد أهمية كبيرة.

والكلام وحده لن ينقذ كوكب الأرض، ولن يحفظ للأجيال القادمة حقوقها. والسؤال الجوهري ليس كيف أو هل نستطيع؟ السؤال هو: هل نريد تقليص بصمتنا الكربونية حقا؟!

بقلم: علي قاسم – صحيفة العرب