تقليص حرارة المدن عبر تطويقها بحزام نباتي

Jul 31, 2024

التفكير خارج الصندوق قد يعطينا نتائج غير متوقعة، وهذا ما فعله تماما علماء صينيون لدى البحث عن حلول لمعالجة مشاكل الاحترار العالمي وارتفاع درجات الحرارة داخل المدن على وجه التحديد، فوجدوا أن الخطوة الأولى تكمن خارج المدينة وذلك بتطويقها بجدار نباتي شبه كامل.

ففي الدراسة، التي نُشرت في دورية نيتشر سيتيز، ابتكر الباحثون نهجا حديثا لمكافحة ظاهرة الارتفاع في درجة الحرارة داخل المدن بالاستفادة من المناطق الريفية المحيطة، وتستند الدراسة في نتائجها إلى بيانات جُمعت على مدار عقدين من الزمن من 30 مدينة صينية.

وشكّل نمو المدن المتزايد أزمة عصرية باتت تُعرف بظاهرة ”الجزر الحرارية الحضرية“، وهو مصطلح يُطلق على المدن الكبيرة التي تكون أكثر دفئا من المناطق الريفية المحيطة بها بسبب الأنشطة البشرية المتمركزة فيها. وتفرز هذه الظاهرة مخاطر جمّة على صحة الإنسان واستقرار النظام البيئي وحتى الرفاه الاقتصادي، وقد أكّدت موجات الحرّ العالمية هذا العام الحاجة الملحّة إلى إيجاد حلول فعّالة للتخفيف من آثار هذه الظاهرة التي باتت منتشرة في أغلب مدن العالم.

وبدلا من استراتيجيات التقليص الاحتراري التقليدية لظاهرة الجزر الحرارية الحضرية التي تعتمد على الأسطح الخضراء والحدائق والمسطحات المائية داخل المدن، فإن الدراسة الجديدة تقترح أن يُصب الاهتمام على الأراضي الريفية المجاورة لأنها غير محكومة بمساحة محددة وتُسهم إسهاما واضحا وفعّالا في تقليص درجات الحرارة كما تُشير البيانات.

وركّزت الدراسة على جانبين في استخلاص النتائج، هما: الحيّز والمدى المكاني للأراضي الريفية، فقد وجدوا أن الأراضي الخارجية الممتدة إلى ما يقارب نصف قطر المدينة كان لها التأثير الأوضح في أنماط الغطاء النباتي، وأن الأراضي الأكبر حجما والمتصلة وذات الأشكال المعقدة لها تأثير كبير يصل إلى تقليص درجة الحرارة 0.5 درجة مئوية.

وتُوضّح الدراسة أن الهواء الساخن عندما يرتفع في المدينة فإنه يخلق منطقة منخفضة الضغط تجذب الهواء البارد من الأراضي الريفية المحيطة، وتتأثر عملية التبريد هذه تأثرا كبيرا بحجم المدينة ونوع الغطاء الأرضي الريفي.

وتُسهم الدراسة في إرشاد المسؤولين والإداريين إلى تفاصيل تتعلّق بأنماط أكثر فعالية لاستخدام الأراضي وفقا للتضاريس المحيطة بالمدينة، كما تُعزّز الدراسة مفهوم التعاون بين المناطق الحضرية والريفية بالطرق المُثلى، وكذلك الإسهام في النمو الحضري المستدام.

المصدر: دورية نيتشر سيتيز