اتحاد بيئي لمكافحة تغير المناخ

Jul 30, 2024

تقود الصين العالم في التحوّل الأخضر للصناعة، مدفوعة بمكانتها المهيمنة على صناعة الألواح الشمسية الكهروضوئية، والمركبات الكهربائية عالية الجودة منخفضة التكلفة، وبطاريات المركبات الكهربائية. وبفضل السياسات طويلة الأجل للحكومة والشركات الصغيرة والمتوسطة المتطوّرة والمتميزة والمبتكرة، سيساعد التحوّل منخفض الكربون في الصين على تحقيق تنمية بجودة عالية.

ومع ذلك، فإن هناك عقبتان تقفان في طريق إزالة الكربون في الصين، أولهما أن الصين ليست وحدها في سباق عملية إزالة الكربون، إذ أن العديد من البلدان ليست على المسار الصحيح في تحقيق إزالة الكربون، وإلى أن تتماشى خطط إزالة الكربون في جميع البلدان مع اتفاق باريس، فإن الحدّ من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين، ناهيك عن 1.5 درجة مئوية، سيكون مستحيلا. وثانيهما الحدّ من اعتمادها على الفحم، إذ حقّقت الصين خطوات ملحوظة في مجال الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، ما يُعزّز جهودها لتحقيق الأهداف المناخية.

والواقع أن الصين لديها الموارد والإرادة السياسية اللازمة لتحقيق أهدافها المناخية المتمثلة في تحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060.

ومع ذلك، فإن مفاوضات المناخ العالمية توقفت لأن دولا، مثل الهند، تُصرّ على أن جهودها لإزالة الكربون تعتمد على التحويلات المالية من الدول ذات الدخل المرتفع (الملوثون التاريخيون)، في الوقت الذي رفضت فيه تلك الدول، مثل الولايات المتحدة، تقديم تحويلات كبيرة.

وهناك طريقتان لكسر الجمود في مفاوضات المناخ، أولاهما المضي قدما مع البلدان ذات الطموح العالي حتى لو لم تُشارك بعض الدول في اتفاقيات المناخ الطموحة، وثانيهما التفاوض على صفقة تتضمن تحويلات مالية كبيرة بين دول الشمال والجنوب، حيث تُقدّم الاقتصادات ذات الدخل المرتفع، مثل دول الاتحاد الأوروبي، مساهمات مالية.

وقد تقبل هذه الاقتصادات اتفاقا ما، إذ أنهم قلقون حقا بشأن تغير المناخ، ويُدركون أن السبيل الوحيد للمضي قدما هو المساهمة في العدالة المناخية، إضافة إلى احتمالية فشل الاتحاد الأوروبي في تحقيق أهدافه المناخية لعام 2030 (تُقدّر وكالة البيئة الأوروبية أنه في أفضل الأحوال يمكن للاتحاد الأوروبي أن يُخفّض الانبعاثات بنسبة 48% بدلا من 55% المستهدفة من مستوى عام 1990)، فيمكنها حينئذ التحايل على هذا الفشل من خلال شراء بدلات الانبعاثات من الدول الأخرى عبر تزويدها بالتكنولوجيا اللازمة والتحويلات المالية.

وفي الأمد القريب، ستعمل الاقتصادات المشاركة في ”الاتحاد البيئي“ المقترح على تحديد حدّ أدنى موحّد لسعر الكربون عند 100 يوان (13.75 دولار أمريكي) للطن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل تقريبا سعر ثاني أكسيد الكربون في سوق الكربون في الصين، وسوف يكون الحدّ الأدنى للسعر متناسبا مع الزيادة في درجات الحرارة في المتوسط للسنوات الخمس السابقة.

وسيتم جمع جزء من الإيرادات الناتجة عن تسعير الكربون في كل دولة في صندوق عالمي مشترك، ثم إعادة توزيعها على الدول المشاركة بناء على حجم سكّانها. ويتناسب المبلغ المجمَّع من كل دولة مع ناتجها المحلي الإجمالي، ما يُسهّل التحويلات من الدول الأكثر ثراء إلى الدول الأكثر فقرا، فالبلدان التي يزيد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فيها بشكل كبير عن المتوسط العالمي ستُسهم بشكل أكبر، في حين أن تلك التي تقل بشكل كبير عن المتوسط العالمي ستتلقى المزيد.

وعلاوة على ذلك، تلتزم الدول الأعضاء في ”الاتحاد البيئي“ بعدم فرض ضرائب على محتوى الكربون في الواردات من بعضها البعض، وإعادة الضريبة المحصَّلة إلى الدولة المصدِّرة إذا فعلت ذلك، وهذا من شأنه أن يجعل آلية تعديل حدود الكربون للاتحاد البيئي محايدة بالنسبة للبلدان المشاركة.

وعلى الأمد المتوسط، فإن ”الاتحاد البيئي“ سوف يُنشئ سوقا عالمية للكربون، تمنح فيه كل دولة حقوق الانبعاثات بما يتناسب مع عدد سكّانها كمعيار مرجعي، وستكون هناك بعض التعديلات على المعيار بما يتماشى مع الاحتياجات والطموحات المحدّدة لمناطق معينة، وعلى وجه الخصوص، ستحصل الصين والاتحاد الأوروبي على حقوق الانبعاثات التي تتوافق مع خططهما لإزالة الكربون.

وهذا من شأنه أن يعطي حقوقا أكبر من المعيار المرجعي للصين، وحقوقا أقل للاتحاد الأوروبي، ومن شأن هذه التعديلات أن تُحافظ على الطموح الشامل للاتحاد البيئي، ما يساعده على تحقيق هدف اتفاق باريس.

والأهم من ذلك أن دمج الانبعاثات من جميع الاقتصادات في سوق موحّدة من شأنه أن يضمن تلبية كل اقتصاد لأهدافه. وعلى سبيل المثال، إذا تجاوز الاتحاد الأوروبي هدفه الذي وضعه للانبعاثات، فإن الاقتصادات الأخرى التي تنبعث منها أقل من المتوسط العالمي يمكنها بيع حقوق الانبعاثات الفائضة إلى الاتحاد الأوروبي، وهذا يُؤدّي إلى تحقّق الموازنة بين إجمالي الانبعاثات، ويضمن إجراء تخفيضات في الحالات التي تكون أكثر فعّالية من حيث التكلفة. وبالإضافة إلى ذلك، ستنتقل التحويلات المالية من الاقتصادات الأكثر ثراء إلى الاقتصادات الأكثر فقرا، ما يُعزّز النمو ويحدّ من الفقر في البلدان ذات الدخل المنخفض.

بقلم: أدريان فابر، هو بين – جريدة عُمان