الجفاف والفيضانات أكثر تطرفا بفعل التغير المناخي

Jul 23, 2024

حذّر خبراء المناخ من أن الاحتباس الحراري يجعل الرياح الموسمية أكثر تطرفا وضررا، مشيرين إلى واقعة هطول الأمطار الموسمية في مدينة دلهي الهندية، حيث اختفت أجزاء كاملة من الشوارع بفعل المياه، وبلغ معدل هطول الأمطار 23 سنتيمترا على العاصمة الهندية، أي 3 أضعاف ما تهطل عليها عادة في شهر يونيو بأكمله.

ومنذ منتصف القرن العشرين، ارتفع عدد أيام الأمطار الغزيرة، التي تم تعريفها بأكثر من 150 ملم من الأمطار خلال 24 ساعة، في الهند.

وفي العام المثالي، تجلب الرياح الموسمية إلى الهند أمطارا غزيرة، ولكنها معتدلة، وذلك بين يونيو وسبتمبر، ما يؤدي إلى ريّ المحاصيل وتجديد المياه الجوفية أثناء تحركها بشكل مطرد شمالا من الطرف الجنوبي للبلاد.

وتتأثّر الرياح الموسمية بمجموعة كبيرة من العوامل، وتظهر على شكل نوبات، وتتبع فترات الجفاف الطويلة فيضانات مفاجئة، التي قد تجد الأرض الجافة أو مياه الصرف الصحي في المدينة صعوبة في استيعابها. ومع الاحترار المناخي، أصبحت هذه الاختلافات أكثر وضوحا.

ووفقا للعلماء، فإن الجو الأكثر دفئا يمكنه أن يحمل المزيد من الرطوبة، كما أن المحيطات الأكثر دفئا تعني تبخر المزيد من الماء، ومن المتوقّع أن تشهد شبه القارة الهندية هطول أمطار أكثر بنسبة 5.3% خلال الرياح الموسمية مقابل كل درجة مئوية إضافية من ارتفاع درجة الحرارة العالمية، ومن المرجّح أن يتم التخلّص من هذه الأمطار الإضافية دفعة واحدة بدلا من انتشارها بالتساوي.

وقال روكسي كول، عالم المناخ في المعهد الهندي للأرصاد الجوية الاستوائية في بيون، مدينة في ولاية ماهاراشترا، إنه ”كثيرا ما تحدث حالات الجفاف والفيضانات في المكان نفسه خلال الموسم، وأصبحت بعض المناطق الزراعية في شمال ووسط الهند أكثر جفافا، إضافة إلى تزايد الجفاف في أجزاء أخرى من البلاد“.

وتُؤثّر اتجاهات الرياح الموسمية على الوقت الذي يختار فيه المزارعون زرع محاصيلهم وحصادها، إذ لا يستطيع 60% منهم الوصول إلى المياه إلا من الأمطار. وعلى سبيل المثال، أدّت بداية الرياح الموسمية الضعيفة هذا العام إلى تأخير موسم الزراعة في بعض الأماكن، كما لم يتوقع أحد حجم الطوفان في دلهي، أو هطول الأمطار الغزيرة في الآونة الأخيرة في مومباي.

ويأمل يوغيش باتيل، من شركة ”سكاي مت“ للتوقعات الجوية في مومباي، أن تساعد البيانات بشكل أفضل في التوقعات المناخية، إذ تستمد الشركة معلوماتها من 5500 جهاز استشعار في جميع أنحاء البلاد، وتحتفظ الحكومة بـ1500 آخرين.

وتدعم وزارة الزراعة الهندية خطة لتوفير الأراضي للشركات لإنشاء عشرات الآلاف من أجهزة الاستشعار الأخرى، فعلى سبيل المثال، يمكن لولاية أوتار براديش الشمالية أن تستضيف نحو 50 ألف جهاز استشعار للأمطار.

وقد تحذو ولايات أخرى حذوها، إذ يعتقد باتيل أنه ”بمجرد جمع البيانات لمدة 3 سنوات أو نحو ذلك، يمكن لنماذجنا المحلية أن تتحسّن كثيرا“، مؤكّدا أهمية تطوير التعاون بين مختلف الأجهزة البيروقراطية الحكومية، مثل وزارة الزراعة وسلطات إدارة الكوارث.

ومع ذلك، فإن التوقعات المناخية لا يمكنها أن تفعل الكثير، وسيكون التكيّف ضروريا أيضا إذا أرادت بلدان جنوب آسيا أن تحدّ من الوفيات والدمار الذي تُسبّبه الأمطار كل عام، كما تحتاج المزارع إلى أنظمة ريّ أفضل، سواء لسقي المحاصيل أو لمواجهة العواصف القاسية.

ومن شأن بناء المزيد من الخزانات، أو إعادة تأهيل الخزانات القديمة، أن يساعد في تخزين المياه من الأمطار الغزيرة بدلا من إهدارها، كما تحتاج المدن والقرى أيضا إلى تطوير أنظمة الصرف.

وفي السنوات الأخيرة، بدأت المدن الهندية في وضع خطط عمل خاصة للتعامل مع ارتفاع درجات الحرارة ومساعدة السكّان على التغلّب على موجات الحرّ الشديدة والمتكررة، في ظلّ غياب أيّ خطط للتعامل مع الفيضانات، بحسب كول.

المصدر: مجلة الإيكونوميست