منذ أكثر من أسبوع، تضرب موجة حرّ شديدة أوروبا، إذ يشعر السكّان بالاختناق ويشكو السياح من القيظ وتشتعل النيران في الغابات، حيث تجاوزت درجات الحرارة الـ40 درجة مئوية.

وقال إيلان كيلمان، البروفيسور في جامعة يونيفرسيتي كوليدج لندن، ”يتفق هذا تماما مع ما توقعه العلماء. إنه جزء من تغير المناخ الذي يُسبّبه الإنسان، وسيزداد الأمر سوءا إذا لم نتحرك“.

وفي المجر، أُغلق مطار ديبريسين، وهو الثاني في البلاد، إذ أن سطح مدارجه لم يعد يُقاوم الضغط الحراري، كما اضطرت شركة السكك الحديد إلى توجيه الركّاب إلى الحافلات المكيّفة بدلا من عرباتها المتهالكة.

وفي رومانيا المجاورة، يتكرّر انقطاع التيار الكهربائي في المستشفيات بسبب الذروة الاستثنائية المرتبطة باستخدام مكيفات الهواء، حيث توفي رجل يبلغ من العمر 45 عاما بسبب الحرّ في بلدة بوتوساني، بحسب وزارة الصحة.

كما تم تحطيم المستويات القياسية للحرارة في عدة مناطق في أوروبا أثناء الليل، مع بقاء مقياس الحرارة فوق 27 درجة مئوية في بعض المناطق.

وأضاف كيلمان أن ”عدم انخفاض درجات الحرارة مثير للقلق الشديد، وفي حال لم يكن لدى الكائنات الحية الوقت لتبريد أجسامها في الليل، فإن عدد الوفيات سيزداد“.

وتسبّبت موجة الحرّ الشديدة باحتراق آلاف الهكتارات في مقدونيا الشمالية وألبانيا وبلغاريا، حيث تم إعلان أعلى مستوى من التحذيرات من الحرارة مع وصول درجات الحرارة إلى 43 درجة مئوية.

وأكّدت هانا كلوك، عالمة المناخ من جامعة ريدينغ، أن ”سكّان المدن الأوروبية سيتعين عليهم تكييف بنيتهم التحتية وتعديل سلوكهم للتعامل مع موجات الحرّ الشديدة، إذ قد يكون من المستحيل الخروج من المنزل في أيام معينة“.

ووفقا لخبراء المناخ، فإن موجات الحرّ الشديدة صارت أكثر تواترا وشدّة بسبب تغير المناخ، مشيرين إلى أن أوروبا هي القارة التي تُسجّل الارتفاع الأكبر في درجات الحرارة، وذلك بمعدل أسرع مرتين من المتوسط العالمي.

كما يتعيّن على النشاط الاقتصادي التكيّف كذلك، ففي صقلية، تم حظر العمل في الزراعة أو البناء بين الساعة 12:30 ظهرا والساعة 4:00 مساء في الأيام التي تكون فيها المخاطر مرتفعة تحت أشعة الشمس، ويسري هذا الإجراء حتى 31 أغسطس المقبل.

كما تم إعلان أعلى مستوى من التحذيرات من الحرارة والرطوبة في 14 مدينة إيطالية، ما يُشير بوضوح إلى التأثير السلبي لدرجات الحرارة المرتفعة على صحة البشر.

وفي البرتغال، حيث ارتفعت درجة الحرارة إلى أكثر من 40 درجة في ألينتيخو، تم التحذير من ارتفاع خطر حرائق الغابات في جنوب ووسط البلاد.

وفي إسبانيا، من المتوقع أن تصل الحرارة خلال الأيام المقبلة إلى 44 درجة مئوية في جنوب البلاد، بعد بداية باردة -إلى حد ما- لفصل الصيف هذا العام.

وتتفاقم موجات الحرّ الشديدة في أوروبا بسبب ظاهرة الكاليما، وهي الرياح المحمّلة بالرمال القادمة من الصحراء، والتي تُعد ضارة بالصحة عندما تتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة القياسية، وفقا للمرصد الوطني للأرصاد الجوية.