تفاقم الاحترار العالمي وفشل مهمة ضبط حرارة الكوكب

Jul 18, 2024

باتت الكثير من الدول تستشعر العواقب المترتبة على تفاقم الاحترار العالمي، وتكافح من أجل ضبط التغير المناخي المتفاقم حول العالم، ما يُسلّط الضوء على فشل دول العالم في الالتزام بسقف ارتفاع درجات الحرارة المقدّر بـ1.5 درجة مئوية، إذ يُحذّر خبراء المناخ والبيئة من أن الهدف المناخي قد فات أوان الوصول إليه، رغم الاتفاقيات التي وقّعت عليها الدول وتعهّدت بالالتزام بها.

وطالت تداعيات ارتفاع درجات الحرارة العالمية أنحاء الكوكب، فبعض الدول الجزرية، مثل المالديف، مهددة بالاختفاء خلال بضعة عقود كونها منخفضة عن سطح البحر. وبالرغم من تكرار التعهّدات في القمم المناخية الدولية، إلا أن الدول الغنية تعاملت باستخفاف مع الأزمة ولم تدعم وقف الاحترار الذي بات تأثيره يُهدّد معظم البلدان، الغنية والفقيرة.

وأصبح الخبراء على يقين بأن البشرية لا تفعل ما يكفي لمحاصرة الأخطار المتزايدة الناتجة عن الطقس المتطرّف والجفاف، ومن بينها تدمير المحاصيل، وانقراض أنواع حيوانية، وتدمير الشعب المرجانية، والآثار السلبية لذلك على صحة الإنسان، إلى جانب ارتفاع مستوى سطح البحر أمتارا عدة بسبب ذوبان الجليد.

ووفقا للخبراء، فإنه يصعب توزيع المسؤولية عن مكافحة الاحترار بالتساوي، فالدول الصناعية الغنية أكثر قدرة على إحداث تغييرات، بما في ذلك على المستويات الاجتماعية والاستهلاكية، بينما تبقى بلدان أخرى عرضة للتغيرات، كما هو الحال مع البلدان الإفريقية، حيث يتزايد الاحترار وما يرافقه من كوارث على الأمن الغذائي، وكذلك المنطقة القطبية الشمالية، إذ باتت تشهد ذوبانا متسارعا للجليد مع ارتفاع الحرارة، ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى البحار، ويُهدّد المدن الساحلية حول العالم.

ومنذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، يربط الخبراء والباحثون بين انبعاثات الغازات الدفيئة والتغير المناخي، ويطالبون بالحدّ من تلك الانبعاثات، وفي عام 1992، وقّعت معظم دول العالم على اتفاقية الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وتجنّب التدخل البشري ”الخطير“ في النظام المناخي. وفي 1997، وقّعت 193 دولة على ”اتفاقية كيوتو“ الخاصة بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وطوال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ناقش العلماء والسياسيون كيفية تجنّب التغيرات المناخية الكارثية، ووضعوا هدفا يجعل سقف الزيادة درجتين بحدّ أقصى، مقارنة مع الفترة التي سبقت عصر التصنيع.

وساهمت قمة باريس للمناخ (كوب21) في زيادة الذُعر العالمي من التغيرات المناخية، وتقرّر أن تقوم لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة (IPCC) بإعداد تقرير حول عواقب ارتفاع درجات الحرارة، ولكن نتج عن غياب التعاون العالمي حالة مناقضة لهدف اتفاق باريس، وبدلا من خفض انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، زادت تلك الانبعاثات بأكثر من مليار طن. وفي قمة (كوب28)، العام الماضي، وافقت الدول على التخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري وإعادة الالتزام بسقف 1.5 درجة مئوية. ورغم ذلك، فإن البيانات الأخيرة تُظهر أن عام 2024 قد يتجاوز عام 2023 ليصبح العام الأشدّ سخونة منذ بدء التسجيل بسبب الأنشطة البشرية.

وتُشير تقديرات حديثة لمنظمة الأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة (WMO) إلى أن تغير المناخ سيؤدي إلى طقس دافئ غير مسبوق خلال السنوات الخمس المقبلة. ويرى متخصّصون أن البشرية تواجه بنسبة 80% خطر أن تتجاوز متوسط زيادة الحرارة بين 2024 و2028 سقف 1.5 درجة، ويُرجّح بعضهم أن تواجه البشرية سنة تُعتبر الأكثر احترارا على الإطلاق بين عامي 2024 و2028.

كما يُحذّر الخبراء من أن الأرض تتجه نحو ارتفاع درجات الحرارة بنحو ثلاث درجات بحلول عام 2100، ما يُهدّد بعض الدول والمجتمعات بكوارث مناخية بسبب الجفاف، وبعضها يعاني بالفعل من تطرّف مناخي غير مسبوق، ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى التحذير من خطورة عدم اكتراث دول العالم بالتغيرات المناخية، مؤكدا ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتجنّب ”الجحيم المناخي“.

المصدر: وكالات