محطات الطاقة المتجددة في الصين تعادل ضعف كل دول العالم

Jul 17, 2024

يبدو أن الصين تعمل على أن تصبح مركزا عالميا للطاقة المتجددة، فبحسب تقرير بحثي نشرته منظمة غلوبال إنيرجي مونيتور، وهي منظمة غير حكومية مقرها الولايات المتحدة، فقد أضافت الصين ما يقرب من ضعف قدرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق المرافق عام 2023 مقارنة بأي عام آخر.

وتمتلك الصين حاليا إجمالي 339 غيغاوات من القدرة الكهربائية قيد الإنشاء، بما في ذلك 159 غيغاوات من طاقة الرياح، و180 غيغاوات من الطاقة الشمسية، وهذا يساوي ضعف ما في بقية دول العالم مجتمعة.

وقد أوضح التقرير أن هذا الرقم يتجاوز بكثير الدولة التي تحتل المرتبة الثانية، وهي الولايات المتحدة، والتي تنتج إجمالي 40 غيغاوات فقط.

وتُمثّل طاقة الرياح والطاقة الشمسية 37% من إجمالي قدرة إنتاج الكهرباء بالصين حاليا، بزيادة قدرها 8% عن عام 2022. ومن المتوقع أن تتجاوز الطاقة النظيفة قدرة الفحم، والتي تساعد في 39% من إجمالي إنتاج الكهرباء.

وبالنظر إلى المستقبل، يُوضّح التقرير أنه إذا تم إطلاق جميع مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المقترحة على نطاق المرافق الصينية على النحو المنشود، فيمكن أن تصل البلاد بسهولة إلى 1200 غيغاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية المركّبة بحلول نهاية عام 2024، أي قبل 6 سنوات من التعهّد الذي قطعته بكين للوصول إلى هذه القدرة.

وفي هذا السياق، تعمل الصين على ترسيخ مكانتها كدولة رائدة عالميا في تطوير مصادر الطاقة المتجددة، فقد حددت الحكومة أهدافا طموحة للطاقة المتجددة كجزء من استراتيجياتها البيئية والاقتصادية الأوسع، وتشمل هذه الأهداف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.

وتُعتبر الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهي كذلك أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة التي تُؤدّي إلى تغير المناخ، وقد عانت من عدة موجات من الطقس القاسي مؤخرا، والتي يقول العلماء إنها أصبحت أكثر شدّة بسبب تغير المناخ. وبالإضافة إلى نِسَب التلوّث المرتفعة، فإن التغير المناخي يُمثّل تحديّا كبيرا للحكومة.

وتعمل الصين على حل تلك المشاكل عبر الاستثمار في إنتاج الطاقة المتجددة، لكن هناك أسبابا إضافية تدفع الصين لذلك، إذ تطمح أن تكون البلاد منتجا رئيسيا ومركز جذب عالميا لاقتصاد وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، بما في ذلك الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والبطاريات.

وتسمح البنية التحتية التصنيعية القوية للصين بإنتاج هذه التقنيات بتكاليف أقل، ما يُؤدّي إلى انخفاض الأسعار على مستوى العالم ويجعل الوصول إلى الطاقة المتجددة أكثر سهولة، في حركة عالمية تكون الصين فقط في مركزها.

كما تستثمر الصين بشكل كثيف في البحث العلمي الذي يعمل على تعزيز تكنولوجيات الطاقة المتجددة، وتساعد ابتكاراتها في مجالات مثل تخزين البطاريات وتكامل الشبكات وتحسين الكفاءة في التغلّب على بعض القيود التقليدية للطاقة المتجددة.

وتمتد رغبة الصين في ريادة مجال مصادر الطاقة المتجددة إلى ما هو أبعد من حدودها، حيث تُصدّر تكنولوجيا الطاقة المتجددة وتستثمر في مشاريع الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم، ما يُؤثّر على الأسواق العالمية ويُشجّع اعتماد الطاقة النظيفة على المستوى الدولي.

وفي الواقع، فقد نمت صادرات المنتجات المتجددة الصينية بنسبة 35% في الفترة من 2019 إلى 2023، مدفوعة بالأسعار التنافسية وهيمنة الطاقة الإنتاجية، وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة وود ماكنزي البحثية.

وفي هذا السياق، أصبحت الوحدات الشمسية سلعة تصدير الطاقة المتجددة الأساسية بالصين على مدى السنوات الأربع الماضية. وفي الفترة نفسها، زاد الاستثمار في مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية بنسبة 26%، ليُمثّل 39% من إجمالي مشاريع ”الحزام والطريق“ في عام 2023.

و”الحزام والطريق“ مبادرة صينية قامت على بقايا ”طريق الحرير“ الذي اشتهر كطريق تجاري في القرن الـ19، وتهدف إلى ربط الصين بالعالم من خلال تطوير البنية التحتية وتوسيع الروابط التجارية بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.

ويأتي كل ما سبق في سياق خطة الصين طويلة الأمد لوضع البحث العلمي في نطاقات العلوم والتكنولوجيا كمحرك رئيسي للاقتصاد، ويظهر ذلك في نطاقات عدّة على رأسها علوم الفضاء، حيث تعمل الحكومة حاليا على رفع معدلات الإطلاقات الصاروخية، عاما بعد عام، في سبيل تحقيق ريادة بشكل خاص في دراسة القمر واستكشافه، بل ووضع محطة على سطحه في غضون عقد إلى عقدين من الزمن.

المصدر: الجزيرة