الاستقطاب السياسي للتغير المناخي

Jul 20, 2024

يُعد التغير المناخي تحديا عالميا يتطلب استجابة منسّقة من جميع الدول. وفي حين أن هناك إجماعا علميا على أهمية مكافحة التغير المناخي، فإن الاستقطاب السياسي حول هذه القضية يؤثر بشكل كبير على جهود الانتقال إلى الطاقة الخضراء.

ففي الولايات المتحدة، يُعتبر التغير المناخي قضية استقطابية عميقة بين الحزبين الرئيسيين، فالحزب الديمقراطي يدعم بقوة السياسات التي تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون والتحوّل إلى الطاقة المتجددة، ويبرز هذا الدعم في إعادة الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ، وزيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة، وتطبيق لوائح بيئية صارمة، أما الحزب الجمهوري فإنه يُبدي تحفّظات على السياسات البيئية الصارمة والتي غالبا ما ينظر إليها كعبء اقتصادي، إذ يُفضّل الجمهوريون سياسات دعم النمو الاقتصادي من خلال تخفيف اللوائح وتقليل الضرائب على الشركات، ما أدى -بسبب هذا الاستقطاب- إلى تقّلبات في السياسات وخلق حالة من عدم اليقين للمستثمرين والشركات في قطاع الطاقة المتجددة.

وفي الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من وجود بعض التباينات بين الدول الأعضاء، إلا أن أوروبا تتبنى نهجا أكثر توحيدا واستقرارا تجاه التغير المناخي، إذ تتضمن الصفقة الخضراء الأوروبية، والتي تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، استثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والتنقل المستدام. وبالرغم من الالتزام العام للاتحاد الأوروبي، فإن الدول الأعضاء تختلف في مستوى التقدم والقدرة، حيث تُعد دول مثل ألمانيا والسويد من الرواد في مجال الطاقة المتجددة، بينما تواجه دول أخرى تحديات أكبر بسبب اعتمادها على الوقود الأحفوري. ورغم هذا التباين، فإن الاتحاد الأوروبي يُقدم إطارا سياسيا مستقرا يُشجع الاستثمارات في الطاقة الخضراء، والذي بدوره يُعزز الثقة لدى المستثمرين ويساعد في تحقيق تقدم مستدام.

وبالنظر إلى السياق العالمي، نجد أن الاستقطاب السياسي حول التغير المناخي يختلف بشكل كبير بين المناطق، إذ تتبنى بعض الدول مثل كندا واليابان وأستراليا سياسات بيئية طموحة رغم وجود بعض التباينات في الالتزام والتنفيذ، بينما تواجه دول أخرى تحديات اقتصادية واجتماعية، تجعل من التحوّل إلى الطاقة المتجددة تحديا كبيرا.

ومن المتوقع أن تتجاوز الاستثمارات في الطاقة المتجددة تلك الموجهة للوقود الأحفوري خلال العقد المقبل على مستوى العالم، والذي من شأنه أن يُساهم في تعزيز الابتكار التكنولوجي وخلق فرص عمل جديدة في قطاع الطاقة الخضراء. كما من المتوقع أن تنخفض تكاليف الطاقة المتجددة بشكل كبير مع التطورات التكنولوجية وزيادة حجم الإنتاج، لتُصبح الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أكثر تنافسية من الوقود الأحفوري، ما يُعزز التحوّل نحو الطاقة الخضراء.

ومع ما يُشكله الاستقطاب السياسي حول التغير المناخي من تحديات في الانتقال إلى الطاقة الخضراء، تبرز أهمية أن تلتزم الدول بسياسات مناخية طموحة واستثمارات مستدامة، مع ضرورة توحيد الجهود الدولية ووجود الإرادة السياسية القوية لمعالجة التحديات وتحقيق الأهداف المناخية العالمية.

بقلم: محمد المجيني – وهج الخليج