شهدت مناطق متفرقة في قارات العالم موجات قاسية من ارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي جعل من الضروري فهم كيفية تأثير درجات الحرارة العالية على جسم الإنسان للحفاظ على الصحة العامة وسلامة الجسم.

وعند التعرّض لدرجات حرارة عالية، يخضع جسم الإنسان إلى عدّة تغييرات فسيولوجية للحفاظ على بيئة داخلية مُستقرة وباردة، والتي تشمل التعرّق الذي يتبخّر ويُبرّد الجلد وبالتالي تنخفض درجة حرارة الجسم، وزيادة تدفق الدم إلى الجلد عبر توسّع الأوعية الدموية بالقرب من سطح الجلد، ما يسمح بمرور المزيد من الدم وتبديد حرارة الجسم.

وعلى الرغم من أن هذه الآليات فعّالة إلى حدّ معين، إلا أن التعرّض إلى درجات حرارة عالية لفترات طويلة يُمكن أن يتغلّب على قدرة الجسم لتبريد نفسه، ما يؤدي إلى الإجهاد والإصابة بحالات أكثر خطورة.

ويؤدي التعرّض للحرارة العالية إلى ظهور عدّة أعراض على الجسم، تتمثّل في تقلّصات حرارية، وهي تشنّجات عضلية مؤلمة تُصيب الساقين أو الذراعين أو البطن جرّاء الجفاف، وكذلك الإرهاق الحراري، مثل التعرّق الشديد والشعور بالضعف، والدوار، والغثيان، والصداع، وفي هذه الحالة يجب تبريد وترطيب الجسم فورا، إضافة إلى ضربة الشمس، وهي إصابة تُهدّد حياة الإنسان، إذ ترتفع درجة حرارة الجسم عن 40 درجة مئوية، ومن أعراضها الارتباك، وخفقان القلب، وفقدان الوعي، وتتطلب رعاية طبية فورية.

ويُمكن الحفاظ على ترطيب الجسم من خلال شُرب الماء بانتظام، حتى إذا لم تشعر بالعطش، وتعويض الإلكتروليت (المعادن والأملاح في الجسم) عبر تناول المشروبات التي تحتوي عليه، خاصة خلال ممارسة الأنشطة البدنية الطويلة. كما يساعد ارتداء الملابس الخفيفة والفضفاضة ذات الألوان الفاتحة، والتي تسمح بمرور الهواء، في الحفاظ على برودة الجسم.

كما يُنصح بتجنّب التعرّض المباشر إلى أشعة الشمس، والبقاء في المناطق المظلّلة أو المكيّفة قدر الإمكان، إضافة إلى الاستحمام بالماء البارد لتخفيض درجة حرارة الجسم بشكل كبير.

ومن الضروري تجنّب الأنشطة المُجهِدة خلال فترة الذروة الحرارية، وجدولة التمارين أو الأنشطة الخارجية لتكون في الأوقات المعتدلة من اليوم، مثل الصباح الباكر أو المساء المتأخر.

كما يجب أخذ استراحات في أماكن باردة بعيدة عن أشعة الشمس، وذلك لمنع ارتفاع درجة حرارة الجسم.

ويُمكن لاستهلاك الوجبات الثقيلة أن يزيد حرارة الجسم الأيضية، لذا يجب تناول الوجبات الخفيفة، واختيار الأطعمة الأخف وزنا والأسهل في عمليات الهضم.

كما تساعد الأطعمة المرّطبة ذات المحتوى المائي الكبير، مثل الفواكه والخضروات، في الحفاظ على ترطيب الجسم.

وتُعد هذه الممارسات أساسية للتعامل مع الحرارة الشديدة. ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة عالميا، ستُصبح هذه الممارسات ضرورية بشكل متزايد للحفاظ على صحة الإنسان.