لماذا يُعد يوليو أكثر الشهور حرارة كل عام؟

Jul 06, 2024

وفقا للعلماء في معهد جودارد لدراسات الفضاء، التابع لوكالة الفضاء الأميركية ”ناسا“، كان شهر يوليو 2023 هو الأكثر سخونة على الإطلاق في تاريخ قياس متوسطات درجات الحرارة العالمية، ويخشى العلماء، مع الارتفاع المستمر في درجات الحرارة، أن يكون يوليو 2024 واحدا من أكثر الشهور حرارة، وقد يتغلب على سابقه ليحصل على المرتبة الأولى.

وبدأ الصيف في نصف الكرة الأرضية الشمالي بالفعل، ودخلت العديد من الدول في عدد من الموجات الحارّة التي تميّزت بالشدّة والطول قياسا بالسنوات السابقة في أجزاء كثيرة من العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة والمكسيك وأوروبا وجنوب آسيا والشرق الأوسط.

وتتأثر كمية الحرارة التي تتعرض لها منطقة ما بحسب تركيز أشعة الشمس على سطح الأرض، فتكون أكبر كلما كان نصف الأرض الخاص بنا مائلا ناحية الشمس.

ويبدأ الصيف رسميا في لحظة الانقلاب الصيفي التي تحدث عادة في 20 أو 21 يونيو في نصف الكرة الشمالي. وتصل الشمس بالنسبة لنا في العالم العربي وبقية دول شمال العالم إلى أعلى نقطة لها في السماء عند الظهر، ما يؤدي إلى تركيز أشعة الشمس في مساحة أقل، وهو ما يرفع درجات الحرارة.

وغالبا ما يكون شهر يوليو الأكثر سخونة في العام في أجزاء كثيرة من نصف الكرة الشمالي، وذلك لأسباب عدة أولها الانقلاب الصيفي، حيث يميل عندها نصف الكرة الشمالي بشكل مباشر نحو الشمس، وينتج عن ذلك أقصى قدر من التعرّض للشمس.

وعلى الرغم من ذروة التعرّض الشمسي التي تحدث في أواخر يونيو، فإن درجات الحرارة لا تصل إلى الحدّ الأقصى إلا بعد عدة أسابيع في يوليو، ويرجع هذا التأخير إلى أن سطح الأرض، خاصة محيطاتها، يحتاج إلى مزيد من الوقت ليصبح أدفأ بعد تلقّي الطاقة الشمسية.

ويتمتع الماء بقدرة حرارية نوعية عالية، ما يعني أنه يمكنه امتصاص الكثير من الحرارة قبل أن ترتفع درجة حرارته بشكل ملحوظ.

كما تكون الكتل الهوائية السائدة خلال شهر يوليو في نصف الكرة الشمالي دافئة عادة، ما يُولّد أنظمة ضغط جوي عالٍ تسمح بفترات طويلة من الطقس المشمس، كما أن الرطوبة المرتفعة في شهر يوليو تُؤدّي إلى ارتفاع درجات الحرارة، إذ أن بخار الماء في الهواء يحبس الحرارة.

وللسبب نفسه تكون فترة بعد الظهيرة أحرّ من فترة الظهيرة، فعلى الرغم من أنه في وقت الظهيرة تكون الشمس في أعلى نقطة لها في السماء، وبالتالي فإن كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى سطح الأرض يكون في أقصى حدّ له، إلا أن سطح الأرض يأخذ بعض الوقت الإضافي لامتصاص الطاقة الشمسية ثم إطلاقها مرة أخرى.

وإضافة إلى ذلك، فإن الاحترار العالمي جرّاء ارتفاع نسبة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، مثل ثاني أكسيد الكربون، يرفع من قدرة الغلاف الجوي على حبس جزء من تلك الأشعة ومنعه من الخروج، ما يتسبّب باحترار الغلاف الجوي.

وتتفق الغالبية العظمى من الأبحاث العلمية على أن استخدام البشر للوقود الأحفوري، الذي ينفث كمية هائلة من ثاني أكسيد الكربون، هو السبب الرئيسي لحدوث الاحترار العالمي، إذ ارتفعت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لتتخطى حاجز 400 جزء من المليون، أي أكثر من ثلث ما كان موجودا قبل الثورة الصناعية، بل وأكثر مما كان موجودا خلال مئات الآلاف من السنوات السابقة.

ويعني ذلك أنه من المرجّح أن نواجه شهور يوليو أشدّ حرارة مستقبلا، كما أن الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الموجات الحارّة، تميل إلى أن تكون أشدّ وأطول وأكثر تردّدا مع احترار المناخ، ما يرفع عدد الأيام التي يمكن للإنسان أن يتعرّض خلالها للأثر الضارّ لحرارة الشمس.

وتكمن خطورة ارتفاع درجات الحرارة في أثرها المباشر على صحة الإنسان، إذ أن الحرارة المرتفعة تفتح الباب للإصابة بالإجهاد الحراري، والذي يُعرّف بأنه عدم قدرة الجسم على التكيّف مع ارتفاع الحرارة، وبالتبعية لا يتمكّن من تبريد نفسه، ويتسبّب ذلك بأعراض تبدأ بالعطش والجفاف وقد تصل إلى صدمة حرارية يُصاب خلالها الشخص بصداع شديد وفقدان للتركيز والتهاب في الجلد.

المصدر: الجزيرة