هل يمكن أن تؤتي تجارب الهندسة المناخية ثمارها؟

Jun 30, 2024

رغم ارتفاع درجات الحرارة وشيوع الموجات الحارّة عالميا، صوّت مجلس مدينة ألاميدا في ولاية كاليفورنيا بالإجماع لإنهاء تجربة تكنولوجيا جديدة للتعامل مع الأزمة المناخية.

وانطوت التجربة التي كان قد بدأ باحثون جامعيون بالعمل عليها بالفعل عبر نثر جزيئات ملح البحر في السّحب التي تعلو خليج سان فرانسيسكو، وكان الهدف منها هو جعل السّحب أكثر سطوعا لاختبار إذا ما كان ذلك سيُسهم في عكس مزيد من أشعة الشمس إلى الفضاء لتلطيف المناخ المحلي.

ويأتي رفض مجلس المدينة بعد إلغاء مشروع آخر، تُديره جامعة هارفارد، لنثر جزيئات الكبريت في طبقة الاستراتوسفير أو الغلاف الجوي الطبقي.

وهناك أسباب رئيسية وراء الجدل الذي تُثيره تجارب الهندسة المناخية، فالمناخ معقّد وقد ينتج عن هذه التجارب عواقب غير محمودة. وعلى الجانب الآخر، فإن عدم إجراء تجارب له تكلفته وتداعياته أيضا، وذلك في ضوء الاتجاه الواضح الذي يسلكه التغير المناخي، والاحتمالية الحقيقية المتمثّلة في تخطي عتبة 1.5 – 2 درجة مئوية المنصوص عليها في اتفاقية باريس.

وترتبط درجات الحرارة الحالية بالفعل بمزيد من الموجات الحارّة الشديدة التي تضرب جميع أنحاء الكرة الأرضية، وما يُصاحب ذلك من خسائر بالأرواح والصحة والمحاصيل والإنتاجية والتعليم. وإن لم يكن العالم مستعدا لخفض الانبعاثات، فإننا سنعيش في مستقبل ملتهب في درجة حرارته.

وقد عملت جامعة واشنطن على مشروع “مارين كلاود برايتنينغ” لجعل السّحب أكثر سطوعا، إذ تميل السّحب التي تحتوي على عدد أقل من الجزيئات الدقيقة إلى أن تكون أقل انعكاسا للأشعة مقارنة بالسّحب التي تحتوي على تركيزات عالية من الجزيئات الدقيقة، ولكن حذّر مجلس المدينة أيضا من أن الملح قد يُفضي إلى هطول غير متوقّع للأمطار، ما سيُهدّد النظم البيئية، مشيرين إلى أن إزالة أحجام كبيرة من مياه البحر قد يضرّ بالحياة البحرية، ما سيُلقي بظلاله على سلاسل الغذاء ومصائد الأسماك والمجتمعات.

وكان قد نشر معهد سكريبس لعلوم المحيطات، في سان دييغو، بحثا يُفيد بأن جعل السّحب أكثر سطوعا قد يُؤتي ثماره على المدى القصير، ولكنه سيأتي بنتائج عكسية على المدى الطويل، ما يمكن أن يزيد من الضغوط الحرارية في نهاية المطاف.

وتُعد هذه التكنولوجيا مثالا لـ”الإدارة بالإشعاعات الشمسية”، وهو نهج يشتمل على خطط، مثل طلاء أسطح المنازل باللون الأبيض، وأخرى واسعة النطاق لإطلاق الكبريتات في طبقة الاستراتوسفير لمحاكاة التبريد العالمي الناجم عن الانفجارات البركانية، ولكن التمويلات التي تقف وراء مثل هذه المشروعات تُثير قدرا من الريبة، إذ يَحظى بعض من داعمي الهندسة المناخية بتمويلات من استثمارات شركات الوقود الأحفوري.

ولكن، في النهاية، يجب علينا النظر في الهندسة المناخية، بما في ذلك على المستوى الإقليمي، وإرساء إطار للحوكمة، بالإضافة إلى التأهب لاحتمالية استخدام دولة ما لمثل هذه التكنولوجيا، فمثل هذا السيناريو يحمل في طيّاته خطر تداعيات غير قابلة للقياس على المناطق المُتاخمة، ويمكن أن يُفضي إلى المزيد من المشكلات الجيوسياسية.

وقد أطلقت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية مشروع “سابر”، في العام الماضي، وذلك لتحديد ماهية الجزيئات الموجودة في الاستراتوسفير، وسيكون هذا المشروع مفيدا لجهود الهندسة المناخية المستقبلية، إذ ثمّة وجاهة في فكرة إجراء تجربة ذات شواهد على نطاق محدود، وأن تكون خاضعة للمراقبة، وأن تُنشر نتائجها علنا على مستوى العالم وبصورة مُنصفة.

بقلم: أنجانا أهوجا – فاينانشال تايمز