كابلات خضراء في أعماق البحار تمد العالم بالطاقة

Jun 28, 2024

تشهد العشرات من محطات توليد الطاقة في نيويورك ذروة عملياتها التشغيلية في وقت الإفطار صباحا، وتستمر حتى ينتهي سكّان المدينة الأمريكية من تناول العشاء مساء.

ولا يزال جزء كبير من هذه الطاقة يتم توليده عن طريق الغاز المُسال الذي يتسبّب في احترار الكوكب. وعلى الرغم من أن ولاية نيويورك تحاول تخضير شبكتها لإبطاء تغير المناخ، إلا أنه لا يوجد دائما ما يكفي من الرياح أو الشمس للاعتماد عليها في الوقت الفعلي، كما أن تقنية تخزين الطاقة المتجددة لفترات طويلة لم يتم إتقانها تماما.

وتسعى مجموعة من رواد الأعمال إلى بناء ما يمكن أن يكون أكبر رابط للطاقة تحت سطح البحر بين القارات في العالم، يربط أوروبا وأمريكا الشمالية بثلاثة أزواج من الكابلات عالية الجهد، إذ ستمتدّ الكابلات لأكثر من 2000 ميل عبر قاع المحيط الأطلسي بأكمله لربط أماكن مثل غرب المملكة المتحدة مع شرق كندا، ونيويورك مع غرب فرنسا.

وقال سيمون لودلام، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة إيتشيا للطاقة، وأحد قادة المشروع، “عندما تكون الشمس في ذروتها، فمن المحتمل أن يكون لدينا طاقة في أوروبا أكبر مما يمكننا استخدامه بالفعل، والتي يمكن إرسالها إلى مركز الطلب، مثل الساحل الشرقي للولايات المتحدة”.

ولا يزال مشروع الربط عبر المحيط الأطلسي مجرّد اقتراح، لكن شبكات كابلات الطاقة الخضراء بدأت في الانتشار عبر قاع البحار في العالم، وهي تتحوّل سريعا إلى جزء من حلّ أزمة المناخ العالمية، إذ تنقل كميات كبيرة من الطاقة المتجددة إلى البلدان التي تكافح من أجل تحقيق التحوّل الأخضر.

كما أن الحاجة إلى إزالة الكربون لم تكن أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، إذ يتعيّن على العالم أن يُخفّض انبعاثاته الكربونية إلى النصف تقريبا للحدّ من تغير المناخ إلى مستويات يستطيع البشر والأنظمة البيئية التكيّف معها، وفقا للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

ويمكن أن تكون الكابلات البحرية أداة حاسمة لتسريع استيعاب الطاقة المتجددة، إذ يتخلّف العالم عن تحقيق أهدافه المناخية في خفض التلوّث الناتج عن احترار الكوكب، حسبما يُظهر تحليل صادر عن مجموعة الأبحاث الدولية كلايمت أكشن تراكر (Climate Action Tracker).

والمملكة المتحدة، حيث المساحة البرية لمحطات الطاقة محدودة، متصلة بالفعل مع بلجيكا والنرويج وهولندا والدنمارك تحت سطح البحر، وقد وقّعت على رابط للطاقة الشمسية وطاقة الرياح مع المغرب للاستفادة من ساعات ضوء الشمس الطويلة في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا والرياح القوية التي تمر عبر خط الاستواء.

ويسعى مشروع يُسمّى “صن كيبل” إلى إرسال الطاقة الشمسية من أستراليا المشمسة إلى دولة سنغافورة الواقعة في جنوب شرق آسيا، والتي تتمتع أيضا بوفرة في أشعة الشمس ولكن مساحة مزارع الطاقة الشمسية فيها صغيرة جدا. كما تُخطّط الهند والمملكة العربية السعودية لربط شبكات الطاقة الخاصة بهما عبر بحر العرب، كجزء من خطة الممر الاقتصادي الأوسع لربط آسيا والشرق الأوسط وأوروبا.

وقال لوران سيجالين، مؤسس شركة الطاقة المتجددة Megawatt-X، ومقرها لندن، وهو أحد قادة المشروع، إن الكابلات الأوروبية الأمريكية يمكن أن تُرسل 6 غيغاواط من الطاقة في كلا الاتجاهين بسرعة الضوء، وهذا يعادل ما يمكن أن تُولّده 6 محطات طاقة نووية.

المصدر: ذا تايمز البريطانية