الصيف الأكثر حرارة أخطر من جدل محبي الصيف والشتاء!

Jun 26, 2024

“إنه العام الأكثر حرارة”، هذه المقولة أصبحت تتردّد مع كل صيف، بل وربما تُشير إلى أن العالم يُودّع سنوات المناخ المعتدل، ويدفع ثمن التعامل غير المسؤول مع الأرض ومواردها، وهذه الحرارة التى تخطّت الخمسين درجة مئوية وأكثر، بجانب تداعيات تصل إلى حرائق وفيضانات وجفاف، أصبحت إحدى علامات تغير المناخ الحادّ الذي ظلّ يتردّد ضمن تحذيرات العلماء على مدى عقود وأصبح أمرا واقعا.

وحتى السّجال السنوي بين محبّي الصيف وعشّاق الشتاء لم يعد كما كان في السابق، لأن المناخ تغير فلم يعد من السّهل التمييز بين الصيف والشتاء والربيع والخريف، حيث اختفت فصول وانتهى الاعتدال لِيحلّ مكانه تطرف مناخي يُطيح بتصوّرات البشر وتوقعاتهم، ويُنهي جدلا بين من يتبارون في إثبات أفضلية البرد عن الحرّ.

والفصول تتبدّل والتغيرات المناخية تتواصل، والعالم يُتابع نشاطه بالمزيد من الانبعاثات، ورجال الصناعة والدول الكبرى غير مُبالية بأيّ انبعاثات أو تحذيرات، أو جفاف وفيضانات وحرائق، بل إن تغير المناخ يُفجّر أزمات في أمريكا اللاتينية، إذ وصل نهر الأمازون، والعديد من روافده، إلى أدنى مستوياته منذ 120 عاما، والذي يتدفق عبر غاباته المطيرة خُمس المياه العذبة في العالم.

وهناك توقّعات باختفاء جزر في الكاريبي، وتضاعفت الوفيات في دول أمريكا اللاتينية، وعلى رأسها المكسيك التي شهدت موجات حرّ شديدة أودت بحياة العشرات، بالإضافة إلى موجات الجفاف في بعض الدول، وفيضانات في أخرى.

وتُشير مراجعة تقارير السنوات السبع الأخيرة إلى أن كل عام هو الأعلى حرارة، ويتعرّض عشرات الملايين من البشر لموجة حرّ شديدة تستمر في نصف الكرة الشمالي، مع حرائق عنيفة في ولايات أميركية، كما تشهد آسيا أحوالا جوية سيئة في تجلّ جديد لظاهرة الاحتباس الحراري.

كل التوقّعات تقول إن هذا الصيف سوف تتبعه فصول صيف أخرى بنفس الحرارة أو أشدّ. ووفقا للتقارير الدولية ومراكز المناخ، فإن الموجة الحارّة الحالية تُشير إلى استمرار الصيف بهذه القوة والعنف. والحرّ هذا العام والأعوام الماضية لا يُفرّق بين قارة وأخرى، من إفريقيا إلى آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية، مع مخاطر نشوب حرائق، وجفاف وفيضانات وأمطار غزيرة.

كما أصبحت التحوّلات المناخية واقعا يفرض نفسه على العالم. وبالرغم من أن التحذيرات والتقارير عن التغير المناخي متواصلة منذ ثمانينيات القرن العشرين، فإن هناك تحذيرات من علماء المناخ والبيئة بأن ارتفاع درجات الحرارة والانبعاثات الكربونية تُسبّب اختلالات في ثوابت الطقس بالعالم، إذ تذوب جبال الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، ما يرفع مناسيب المياه في البحار والمحيطات.

وبحسب ما نشرته صحيفة واشنطن بوست، فإن مليارات البشر على مستوى العالم شعروا بالشدّة القاتلة لموجات الحرارة التى يُغذيها تغير المناخ، وهذه الحرارة الحارقة سجّلت عبر القارات الخمس 1400 رقم قياسي جديد خلال أسبوع واحد فقط، وأظهرت موجات الحرارة الشديدة كيف أن ظاهرة الاحتباس الحراري، التي يُسبّبها الإنسان، جعلت درجات الحرارة الكارثية أمرا شائعا.

وقد عُثِر على عشرات الجثث في مدينة دلهي الهندية، وتُوفي سيّاح بسبب ارتفاع درجات الحرارة في اليونان، كما تُوفي المئات من الحجّاج جرّاء الحرارة الشديدة وضربات الشمس، وسقط المئات في الولايات المتحدة، حيث يُعاني عشرات الملايين من الأشخاص في الغرب الأوسط والساحل الشرقي من الحرارة الشديدة، وسط واحدة من أسوأ موجات الحرّ التي شهدتها الأجيال الحالية.

كما اضطرت دول أوروبا بسبب الموجات الحارّة إلى تغيير نمط استهلاكها من الكهرباء لمواجهة الحرارة. وفي حال استمرار هذه التحوّلات المناخية، سوف يحتاج الأمر تغييرا في أنظمة التكييف والتهوية، إضافة إلى معالجة أزمة انقطاع الكهرباء وخروج محطات توليد الكهرباء عن الخدمة في عدة دول حول العالم.

بقلم: أكرم القصاص – اليوم السابع