جحيم مناخي قادم!

Jun 28, 2024

بقلم: خالد دلال – خاص بمناخي

بينما تنشغل البشرية بحروبها التي لا تنتهي منذ فجر التاريخ، فإنها لا تدرك أن الخطر الوجودي الأكبر الذي تواجهه هو ثوران الطبيعة في وجهها بلا رجعة، بحيث “لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ”.

كل ذلك بفعل أيدينا التي عاثت فسادا في الأرض، والتي باتت، كل شهر تصاعديا، تسجل أرقاما قياسية في ارتفاع درجة حرارتها، وما يؤججه من كوارث طبيعية في شرق المعمورة وغربها.

الأرقام ليست في صالحنا. فها هو مرصد كوبرنيكوس لتغير المناخ، التابع للاتحاد الأوروبي، يعلن مؤخرا، وبحسب وكالة رويترز الإخبارية، بأن “متوسط ​​درجات الحرارة العالمية خلال عام كامل وحتى نهاية مايو الماضي، تجاوز متوسط ما قبل الثورة الصناعية بنحو 1.63 درجة مئوية، ما يجعلها الفترة الأكثر حرارة منذ بدء تسجيل البيانات في 1940”.

ارتفاع درجات حرارة الأرض ليس بالأمر الهين كما يعتقد البعض، وليس كما يتوهم آخرون بأنه جزء من دورة الطبيعة، حيث ينتج عن ذلك كوارث بمليارات الدولارات، إضافة إلى مقتل الملايين من البشر في حال استمرار استعار حرائق الغابات، وحالات الجفاف المزمنة، وتكالب الأعاصير، وذوبان الجليد في قطبي الأرض بشكل جنوني، وارتفاع مستويات مياه المحيطات، وما ينتج عن ذلك من أمطار غزيرة غير مسبوقة وفيضانات مدمرة وغير ذلك الكثير.

خذوا مثلا ما حدث هذا العام من أمطار غزيرة غير مسبوقة في الإمارات العربية المتحدة، والتي أدت إلى فيضانات هائلة بعد هطول أكبر كميات أمطار في تاريخ البلاد الحديث خلال 24 ساعة، وهي الأكبر منذ بدء تسجيل البيانات المناخية قبل نحو 75 عاما.

والأمر لا يقف عند الإمارات وحدها، فها هي موجات الحر القاتلة تضرب مساحات شاسعة في آسيا، وها هو جنوب البرازيل يواجه فيضانات عارمة، فيما تعاني مناطق واسعة من أستراليا من حالات جفاف شديدة استثنائية.

هناك إدراك عالمي لحجم كارثة التغير المناخي التي تواجه الأرض، نتيجة للطمع البشري الجنوني، وخصوصا ما ينتج عن حرق الوقود الأحفوري من نفط وغاز وفحم، ما يتسبب في استعار ظاهرة الاحتباس الحراري، إضافة إلى جنون ظاهرة النينيو، والتي ترتبط بارتفاع درجة حرارة المحيط الهادئ، ليساهم كل ذلك في جعل العام الماضي الأكثر حراً منذ مئة ألف عام!

وقد كان هذا الإدراك واضحا في تحذير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مؤخرا، ودعوته “إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتجنب جحيم مناخي”.

لكن المشكلة، كانت ومازالت، في عدم اكتراث العديد من الدول بالالتزام، فعلا وليس قولا فقط، بالوصول إلى انبعاثات غازات دفيئة (مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان) قريبة من الصفر، وذلك وفق اتفاقية باريس، التي أبرمت في العام 2015، “بحيث لا تزيد درجة الحرارة حول العالم عن 1.5 درجة مئوية”.

خلاصة القول أن على البشر أن يضعوا حروبهم جانبا، والالتفات والعمل سويا خدمة لقضيتهم الوجودية الأهم، والتي تكمن في مجابهة التغير المناخي قبل فوات الأوان، طالما لا يوجد هناك كوكب آخر نتقاسمه مثل أرضنا لو أحسنا معاملتها. الوقت يمضي وهو ليس في صالحنا، فهل من حلول أم أن المجهول هو المصير؟