الجفاف يُحول مروج شهاب الليبية إلى صحراء قاحلة

Jun 18, 2024

ألقت تداعيات التغير المناخي بظلالها على منطقة شهاب في كاباو الواقعة على مسافة 200 كيلومتر جنوب غربي العاصمة الليبية طرابلس.

وكان الغطاء الأخضر منتشرا في المنطقة حتى سنين قريبة، مع بساتين زيتون ولوز وغيرها من الأشجار المثمرة، إلا أن الوضع تغير تماما، إذ يبست الأشجار جزئيا أو ماتت كليا، فيما تزداد شدّة الحرّ كثيرا قبل حلول موسم الصيف، مع ما يرافقه من درجات الحرارة القصوى.

وقال محمد معقاف، المزارع في ضواحي كاباو الواقعة أقصى الجبل الغربي في ليبيا، حيث يضرب الجفاف بشدّة وتدفع تداعيات التغير المناخي السكّان إلى النزوح مع ندرة المياه والأمطار، “كانت شهاب مروجا خضراء حتى مطلع الألفية الجديدة، والجميع يحب القدوم لها، أما اليوم صارت لا تطاق من شدّة الجفاف”.

وتُفيد الأمم المتحدة بأن ليبيا هي إحدى أكثر دول العالم جفافا، إذ الطلب على المياه أكبر بكثير من إمداداتها. كما تُثير الزيادات المتوقعة في درجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر مخاوف من استنفاد موارد المياه وتقليل الإنتاجية الزراعية.

ويصف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ليبيا بأنها من “أكثر الدول التي تعاني من ندرة المياه في العالم”، وهذه الندرة من “أكبر التهديدات الناشئة” التي تواجهها.

ووفقا للأمم المتحدة، فإنه يتحتّم على البلاد اتخاذ تدابير استباقية ضد الجفاف والتصحّر المتنامي، حيث يمكن الحدّ من المخاطر والتكيّف مع تغير المناخ عبر تطوير الاستراتيجيات الوطنية وتنفيذها.

ويقطن في منطقة الجبل الغربي، على ارتفاع 968 مترا فوق سطح البحر، نحو نصف مليون نسمة من أصل 7 مليون عدد سكان ليبيا، وتُعد المنطقة، التي يُسميها الأمازيغ “جبل نفوسه”، من المناطق التي تأثّرت بوضوح بموجة الجفاف والتغيرات المناخية القاسية في السنوات الماضية.

وقال مراد مخلوف، رئيس بلدية كاباو، إن التغير المناخي والجفاف المتصاعد في العقد الأخير دفع المئات من العائلات للهجرة إلى العاصمة طرابلس والمدن الساحلية، مضيفا أن “الجفاف لا يعني ندرة المياه فقط، بل لديه أبعاد مختلفة، لأنه مع انعدام وندرة هطول الأمطار توقّفت الزراعة، فلا يوجد زيتون ولا قمح، ولا أيّ أصناف قابلة للزراعة في هذا المناخ القاسي”.

ويرى سليمان محمد، صاحب مزرعة ضربها الجفاف، أن تغير المناخ ربما يدفع يوما ما إلى مغادرة جميع السكّان، لأن الحياة بدون ماء تعني “الهلاك”، متسائلا “كيف يمكن للسكّان الصبر وقد وصل الأمر إلى بيع المربّين الأغنام التي يملكونها لأن تربيتها تحتاج ضعف ثمنها في ظلّ شحّ الماء”.

وكانت منطقة الجبل، حتى سنوات قليلة، واحدة من أشهر مناطق تربية الماشية، لكن الجفاف دفع الكثير من المربّين إلى بيعها أو نقلها إلى مدن قريبة من الساحل للاستمرار في تربيتها.

ووفقا لتقارير رسمية، شهدت ليبيا تراجعا حادّا في كميات الأمطار التي كانت معدلاتها تصل إلى 400 ملم سنويا، بينما لا تتعدى الآن 200 مليمتر منذ العام 2019.

وفي محاولة لتخفيف العبء، بدأت السلطات المحلية بيع مياه مدعومة لقاء 25 دينارا ليبيا (حوالي خمسة دولارات) لكل 12 ألف لتر، حيث تقوم صهاريج المياه بنقل الماء إلى أعلى الجبل في عملية مضنية، مع التضاريس الصّعبة للطريق الضيّق ومخاطر سقوطها من مرتفعات الجبل.

وتعتمد ليبيا في توفير المياه على مشروع النهر الصناعي، الذي يُوفّر حوالي 60% من المياه في ليبيا، لكن المياه تُؤخذ من طبقات جوفية “غير متجددة” ولا يمكن إعادة تغذيتها بالمطر.

وكانت قد صادقت ليبيا، التي تُمثّل الصحراء حوالي 90% من مساحتها، على اتفاق باريس للمناخ في العام 2021، إلا أنها لم تُقر السياسات أو خطط التكيّف المطلوبة حتى الآن.

المصدر: أ ف ب