عواقب التغير المناخي إذا لم يتحرك الإنسان

Jun 15, 2024

التغير المناخي ظاهرة عالمية تتسم بتغيرات طويلة الأمد في أنماط الطقس ودرجات الحرارة، وفي العقود المقبلة إذا لم يتخذ الإنسان خطوات جادة للتصدي لهذه الظاهرة، فإن العالم سيواجه تحديات كبيرة تؤثر في البيئة والاقتصاد والمجتمعات البشرية بشكل عميق.

ويتوقع العلماء أن تشهد العقود المقبلة زيادة كبيرة في درجات الحرارة العالمية، إذ يمكن أن ترتفع درجات الحرارة بمتوسط يصل من 2 إلى 3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن. هذا الارتفاع قد يبدو طفيفا لكنه يحمل تأثيرات جسيمة، إذ أن كل زيادة صغيرة في درجة الحرارة يمكن أن تؤدي إلى تغيرات كبيرة في المناخ وأنماط الطقس، فارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى ذوبان الجليد في القطبين، ما يرفع منسوب البحار والمحيطات مهدّدا المدن الساحلية والمناطق المنخفضة بالغرق، ونزوح ملايين البشر وفقدانهم مساكنهم. كما أن ذوبان الجليد سيؤثر في الحيوانات التي تعتمد على الجليد للبقاء، مثل الدببة القطبية والفقمات، ما قد يؤدي إلى انقراض بعض الأنواع.

وسيؤدي تغير المناخ أيضا إلى زيادة وتيرة وشدّة الكوارث المناخية، مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف، إذ ستصبح الأعاصير أكثر قوة وتدميرا، محدثة خسائر بشرية ومادية كبيرة، وستزيد الفيضانات من تلوّث المياه العذبة وتدمير المحاصيل الزراعية، ما سيؤثر في الأمن الغذائي، كما سيتفاقم الجفاف في المناطق القاحلة متسبّبا بندرة المياه، وهجرة السكان من هذه المناطق بحثا عن مصادر المياه.

وسيؤثر التغير المناخي بشكل مباشر في الاقتصاد العالمي، فالقطاعات الزراعية ستكون الأكثر تضررا بسبب التغيرات في أنماط الطقس والجفاف والفيضانات، كما أن تدمير المحاصيل سيؤدي إلى نقص في الغذاء وارتفاع أسعاره، ما يُؤثّر في الفقراء بشكل أكبر.

كما يؤدي التغير المناخي إلى زيادة الطلب على الطاقة، إذ ستحتاج المباني والمصانع إلى مزيد من الطاقة للتبريد في ظلّ ارتفاع درجات الحرارة، وهذا سيزيد من انبعاثات الكربون ويؤدي إلى تفاقم معضلة الاحتباس الحراري.

وستتأثّر الصحة البشرية بشكل كبير، فارتفاع درجات الحرارة سيزيد من حالات الإجهاد الحراري والأمراض المرتبطة بالحرارة، مثل ضربات الشمس، كما أن الأمراض المعدية ستنتشر بشكل أكبر بسبب التغيّرات في أنماط الطقس، إذ أن الحشرات الناقلة للأمراض، مثل البعوض، ستنتشر في مناطق جديدة، ما يؤدي إلى زيادة انتشار الأمراض، مثل الملاريا وحمى الضنك، بالإضافة إلى أن تلوّث الهواء سيزداد مع ارتفاع درجات الحرارة، ما يتسبّب في زيادة حالات الأمراض التنفسية، مثل الربو.

وللحدّ من هذه التأثيرات، يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات جادّة للحدّ من انبعاثات الكربون والاحتباس الحراري، وهذا يشمل الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمسية والرياح، وتحسين كفاءة الطاقة، وتشجيع النقل المستدام مثل السيارات الكهربائية ووسائل النقل العام.

كما يجب على الدول أن تتبنّى سياسات لحماية الغابات والمحافظة على التنوع البيولوجي، إذ أن الغابات تلعب دورا حاسما في امتصاص الكربون وتنقية الهواء، وكذلك الاستثمار في البنية التحتية المستدامة وتحسين إدارة الموارد المائية، إضافة إلى نشر الوعي والتثقيف حول التغير المناخي، فالتعليم والتوعية يمكن أن يساعدا في تغيير السلوكيات وتقليل البصمة الكربونية للأفراد والمجتمعات.

وفي الختام، فإن التغير المناخي يُشكّل تهديدا حقيقيا للبشرية، وإذا لم يتحرك الإنسان الآن فإن العقود المقبلة ستكون مليئة بالتحديات التي قد تكون عواقبها كارثية. كما أن الجهود المشتركة والتعاون الدولي ضروريان للتصدّي لهذه الظاهرة وضمان مستقبل مستدام للأجيال المقبلة.

بقلم: ذكي مدردش – اندبندنت عربية