فيضانات ألمانيا جرس إنذار جديد للمشككين في التغير المناخي

Jun 14, 2024

تشهد ألمانيا في العقود الأخيرة وبشكل متزايد كوارث فيضانات متعددة، ما أدى إلى تفاقم المخاوف من أن يكون تغير المناخ السبب الأهم في تكرار هذه الظاهرة.

وقد تسبّبت الفيضانات المدمّرة في نهري الإلبه والدانوب عام 2002، وفي ولايتي ويستفاليا وراينلاند بالاتينات في يوليو 2021، في معاناة إنسانية وأضرار اقتصادية كبيرة. وجاءت الفيضانات الحالية في جنوب ألمانيا، خصوصا في ولايتي بافاريا وبادن فورتنبرغ، للتذكير بأن خطر هذه الكوارث بات يتربّص بالبلاد أكثر من أي وقت مضى.

وتقع ألمانيا في منطقة مناخية معتدلة تتأثّر بظواهر جوية مختلفة، فالأنهار مثل الراين والإلبه والدانوب عرضة للفيضانات الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة أو ذوبان الثلوج أو مزيج من الاثنين معا. وتُظهر السجّلات التاريخية أن الفيضانات ليست ظاهرة جديدة، ولكن كثافتها وتواتراتها ازدادت بشكل مطرد في العقود الأخيرة.

ولعل أحد الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة تكمن في زيادة غازات الاحتباس الحراري، مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2) والميثان (CH4) في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب. ولهذا الاحترار عدة تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الطقس.

وبهذا الصدد، كتبت صحيفة شتوتغارتر تسايتونغ الألمانية، في الرابع من يونيو الجاري، معلقة “يرتبط هطول الأمطار الغزيرة في الأيام الماضية، والذي أدى إلى فيضانات هائلة، خاصة في جنوب ألمانيا، فضلا عن العدد المتزايد من الأيام الحارّة بشكل لا يطاق في أشهر الصيف، بالانحباس الحراري العالمي. وقد استخدمت البلدان الغنية على وجه الخصوص الغلاف الجوي كمنطقة نفايات مجانية لانبعاثاتها من الغازات المسبّبة للانحباس الحراري العالمي في العقود الأخيرة. ولذلك، هناك حاجة إلى بذل جهود أكبر بكثير في مجال حماية المناخ، خاصة من حيث الأسباب الاقتصادية”.

ويؤدي ارتفاع درجات حرارة الهواء إلى زيادة تبخر الماء، ما يؤدي إلى زيادة الرطوبة في الغلاف الجوي، ويمكن أن تؤدي هذه الرطوبة الإضافية إلى هطول الأمطار بشكل أكثر كثافة وتواترا. كما أن أنماط هطول الأمطار المتغيّرة يمكن أن تكون من نتائج تغير المناخ، إذ قد تشهد بعض المناطق زيادة في هطول الأمطار الغزيرة، بينما تعاني مناطق أخرى من الجفاف. كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات وذوبان الجبال الجليدية يجعل المناطق الساحلية أكثر عرضة لهبوب العواصف.

وفي ألمانيا، يتجلى تأثير تغير المناخ بشكل خاص في شكل تغير أنماط هطول الأمطار وزيادة في الظواهر الجوية المتطرفة. وتُشير الدراسات إلى زيادة تواتر وشدّة هطول الأمطار الغزيرة، وهذا عامل مهم يمكن أن يُساهم في حدوث الفيضانات، إذ يمكن أن يؤدي هطول الأمطار الغزيرة إلى توجيه كميات كبيرة من المياه إلى الأنهار والجداول خلال فترة زمنية قصيرة.

وتُعد كارثة الفيضانات التي وقعت في عام 2021 مثالا على مثل هذه الأحداث، فقد تسبّب هطول الأمطار الغزيرة في فيضان الأنهار والجداول المائية الصغيرة على ضفافها ومناطق واسعة مجاورة خلال فترة زمنية قصيرة. ومما يُعزّز الصّلة بين هذه الظواهر الجوية المتطرفة وتغير المناخ زيادة كمية المياه في الغلاف الجوي وتغير أنماط تدفق التيارات الهوائية.

المصدر: دي دبليو عربية