تزامن موجات الحرارة مع المدّ البحري قد يهدد ملايين البشر

Jun 12, 2024

أظهرت دراسة حديثة أن ظاهرة تزامن موجات الحرّ مع المدّ البحري الناجم عن ارتفاع مستوى سطح البحر، أصبحت تُهدّد بشكل متزايد المناطق الساحلية في العالم. وأكّد باحثون أن هذه الظاهرة المركّبة ستتفاقم في المستقبل، ما يُهدّد ملايين البشر الذين يعيشون قرب السواحل والنظم البيئية والبنية التحتية في تلك المناطق.

وبحسب الدراسة، التي نشرها باحثون من جامعة هونغ كونغ للفنون التطبيقية في دورية نيتشر كومونيكيشن، فإن السواحل الواقعة في المناطق الاستوائية ستكون الأكثر تأثّرا بهذه الظاهرة بحلول منتصف القرن الحالي.

وقال معدو الدراسة إن الدراسات العالمية والإقليمية تُظهر أن موجات الحرّ المتزايدة بسبب تغيرات المناخ في طريقها إلى إحداث تغيرات اجتماعية واقتصادية وبيئية شديدة خاصة في المناطق الساحلية ذات الكثافة السكانية العالية. هذا في الوقت الذي تتعرّض فيه هذه المجتمعات الساحلية لظاهرة ارتفاع مستويات سطح البحر الناتجة عن هبوب العواصف أو حركة المدّ والجزر العالية، ما يؤدي إلى غَمر المناطق الساحلية لفترة محدودة من الزمن فيما يشبه موجات تسونامي صغيرة.

لكن وعلى عكس موجات تسونامي المعتادة التي تنتج عن النشاط الزلزالي، فإن هذا التسونامي ينجم عن تغيرات سريعة في الضغط الجوي الناجم بدوره عن أحداث جوية سريعة الحركة، مثل العواصف الرعدية أو موجات الحرّ. وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 1.1 مليون شخص يتأثّرون سنويا بالفيضانات الساحلية في جميع أنحاء العالم.

ويُشكّل تزامن موجات الحرّ مع ارتفاع مستويات سطح البحر في نفس الموقع حدثا مركّبا ناشئا يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات أكبر من مجموع التأثيرات الناجمة عن الظاهرتين بشكل منفصل. وأحدث مثال على حالة تزامن الظاهرتين ما جرى في أغسطس 2021، عندما ضربت موجات المدّ البحري الناجمة عن ارتفاع مستوى سطح البحر سواحل إسبانيا وإيطاليا واليونان، في الوقت الذي وصلت فيه درجات الحرارة المحلية إلى نحو 50 درجة مئوية.

وفي الدراسة الجديدة، حلّل الباحثون بيانات الطقس التاريخية لرسم خريطة للأماكن التي وقعت فيها ظاهرة موجات الحرّ المتزامنة مع ارتفاع مستويات سطح البحر بين عامي 1979 و2017، وأتاح هذا التحليل وضع توقّعات لتطوّر وتيرة هذه الأحداث في المستقبل حتى عام 2049 باستخدام سيناريو الانبعاثات العالية للجنة الدولية المعنية بتغير المناخ.

وتُظهر الدراسة أن هذه الأحداث قد أثّرت بالفعل في نحو 88% من سواحل العالم، وأن نحو 39% من هذه السواحل شهد زيادة ملحوظة في تواتر هذه الأحداث المركّبة ومُددها في العقدين الماضيين.

وعانت المناطق الاستوائية أكثر من سواها من هذا الارتفاع، إذ شهدت أكثر من 70% من الأحداث المركّبة التي حددتها الدراسة رغم أنها لا تُمثّل سوى أقل من نصف سواحل العالم.

كما وجد الباحثون علاقة قوية بين شدّة موجات الحرّ وزيادة احتمال تزامنها مع ارتفاع مستوى سطح البحر، وقالوا إن زيادة شدّة موجات الحرّ بنسبة 1% تؤدي إلى زيادة بنسبة 2% في احتمال حدوث تزامن الظاهرتين.

وتوقّعت الدراسة أن المناطق الساحلية في العالم خلال الفترة ما بين 2025 و2049 ستشهد 38 يوما في المتوسط من ظروف موجات الحرّ المتزامنة مع ارتفاع مستويات سطح البحر كل عام، وهو ما يُمثّل زيادة مذهلة قدرها 31 يوما مقارنة بالفترة المتراوحة بين عامي 1989 و2013.

وتعتبر النتائج التي توصلت إليها الدراسة بمثابة دعوة حاسمة لصانعي السياسات والباحثين وقادة المجتمع على مستوى العالم لمعالجة هذا الخطر المزدوج وبذل جهود متضافرة لدمج البحث العلمي مع السياسات الفعالة والمشاركة المجتمعية. ويضمن هذا التعاون، وفقا للدراسة، أن تكون جميع الدول مجهّزة لإدارة وتخفيف مخاطر أحداث تزامن موجات الحرّ مع المدّ البحري المستقبلية.

المصدر: دورية نيتشر كومونيكيشن