ضريبة على الأثرياء لتسببهم في أزمة المناخ!

Jun 09, 2024

ثمّة علاقة معقدة تربط بين الأثرياء والتغير المناخي، فالأغنياء ذوو الثراء الفاحش من أكبر مصادر التلوّث في العالم بسبب استثماراتهم المستمرة في القطاعات التي تنتج انبعاثات كربونية بكميات هائلة، وولعهم بالسفر على متن طائرات خاصة. وتضم قائمة الأثرياء، في الوقت نفسه، عددا من الأشخاص والجماعات الأكثر تأثيرا في توجيه السياسات المناخية.

وتجب محاسبة الأثرياء في مرحلة ما على تسبّبهم في تفاقم أزمة المناخ، ربما من خلال فرض غرامات مالية عليهم لمعالجتها، على حدّ قول الخبيرة الاقتصادية الفرنسية، ومن أبرز مهندسي اتفاقية باريس لعام 2015 بشأن التغير المناخي، لورانس توبيانا، وهي أيضا الرئيسة التنفيذية لمؤسسة المناخ الأوروبية (European Climate Foundation).

وكان أغنى 1% من سكان العالم مسؤولين عن انبعاثات كربونية تعادل الانبعاثات المتولّدة عن قرابة 65% من أفقر سكان العالم في عام 2019، وفقا لدراسة أجرتها منظمة أوكسفام إنترناشيونال (Oxfam International)، إذ فاقت إسهامات المليارديرات في الانبعاثات الكربونية إسهامات الشخص العادي بمليون مرة. وتُبرّر هذه الإحصاءات الصارخة ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه فاحشي الثراء، بحسب توبيانا.

وقالت توبيانا لصحيفة الغارديان “لا يقتصر هذا الفارق على التفاوت بين الدول المتقدمة والنامية، بل ينطبق أيضا على الأوضاع الداخلية في كل دولة، فأغنى 1% من الصينيين أو الهنود أو الأميركيين لديهم أسلوب حياة شديد التشابه من حيث الاستهلاك المفرط، ومن هنا تأتي البصمة الكربونية للفرد”.

ولطالما هيمنت قضية تحميل الأثرياء مسؤولية انبعاثاتهم الكربونية على النقاشات المرتبطة بالمناخ، إذ أن الوضع المناخي الحالي هو نتاج طبيعي لجشع الأثرياء. كما أن دورهم الكبير في زيادة البصمة الكربونية يتطلب تحمّل مسؤولية أكبر.

ويجدر بنا التحدّث عن الضرائب مقرونة بالعناصر المؤثّرة في المناخ والحاجة إلى توفير مزيد من التمويل، استجابة للانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون والتكيّف مع تقلّبات الطقس الحادة، وفقا لتوبيانا.

والتخلّص من الكربون مهمة باهظة التكلفة ومن المتوقّع أن تستغرق سنوات عديدة، إذ تتوقّع فرنسا أن تبلغ تكلفة تحولّها إلى صافي الانبعاثات الصفري 66 مليار يورو (71.7 مليار دولار) سنويا، واقترح البعض فرض ضريبة الثروة لجمع الأموال اللازمة. كما اقترحت حكومات أخرى، مثل إدارة بايدن الأميركية، أفكارا مماثلة.

وعلى الرغم من أن فرض ضرائب على مَن يحتكرون الشطر الأكبر من الثروة ويُسبّبون الجزء الأكبر من البصمة الكربونية منطقي من الناحية النظرية، يُجادل البعض بأن ضرائب الثروة قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار من خلال هروب الأغنياء، أو خنق النمو الطويل الأمد اللازم لدفع تكاليف التحوّل (لماذا تستثمر إذا كنت لا ترى ثمرة استثمارك؟)، أو الفشل في جمع الكثير من المال، إذ كلما كنت أكثر ثراء، كان محاسبو الضرائب لديك أكثر مهارة وقدرة على التلاعب ببيانات الأرباح.

واقتُرِحت بدائل عديدة، منها فرض ضريبة متدرّجة على المسافرين تستهدف الأغنياء الذين يسافرون أكثر من غيرهم، ويستخدمون الطائرات الخاصة على نحو غير متناسب أو يسافرون في الدرجة الأولى.

وعلى سبيل المثال، واجه المستثمر الملياردير، بيل غيتس، انتقادات لاستخدامه طائرات خاصة، لكنه دافع عن موقفه بأن سفره على متن طائراته الخاصة يساعده على تنفيذ استثمارات موجّهة لمكافحة التغير المناخي تفوق الانبعاثات الكربونية الناجمة عن طائراته.

وقال غيتس لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) “أنفق مليارات الدولارات على الابتكار المناخي، فهل يجب أن أبقى في الوطن وألا آتي إلى كينيا وأتعرّف إلى أساليب الزراعة وأسباب انتشار الملاريا بها؟”.

وقد لا تتوصّل الحكومات إلى توافق في الآراء حول كيفية تحقيق هذه الغاية، لكن ثمّة اعترافا متزايدا بأننا بحاجة إلى اتخاذ إجراءات على نطاق أوسع مما فعلنا حتى الآن.

ويمكن أن يساعد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب29)، في وقت لاحق من هذا العام، على دفع المحادثات حول كيفية جمع الأموال اللازمة للجهود المتعلقة بالمناخ.

وحتى يحين هذا الوقت، لا يسعنا إلا أن ننتظر اتخاذ خطوات ملموسة لمكافحة التغير المناخي، سواء كانت الطائرات الخاصة متورّطة في زيادة الانبعاثات الكربونية أم لا!.

بقلم: برارثانا براكاش – فورتشن