التدخل البشري في الممرات المائية يفاقم تغير المناخ

Jun 07, 2024

حذّرت دراسة جديدة من أن التدخلات البشرية ربما أسهمت بتسريع معدل تحلّل المواد العضوية في الأنهار والجداول على نطاق عالمي. ووفقا للدراسة، التي نُشرت في مجلة ساينس، قد يُشكّل ذلك تهديدا للتنوع البيولوجي في الممرات المائية حول العالم ويزيد من كمية الكربون في الغلاف الجوي للأرض، ما قد يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ.

وقال الباحثون إن هذه الدراسة هي الأولى التي تجمع بين التجربة العالمية والنمذجة التنبؤية لتوضيح كيف يمكن أن تُساهم التأثيرات البشرية على الممرات المائية في أزمة المناخ العالمية.

وتُوفّر الأنهار والجداول أكثر بكثير من مجرد مناظر طبيعية جميلة أو فرصة للاسترخاء في فصل الصيف، إذ تُشكّل عنصرا هاما في النظام الكوكبي الذي يُحدّد كمية الكربون المخزنة في التربة أو المرسلة إلى الغلاف الجوي. فعندما تسقط فضلات الأشجار في مجرى مائي، فإنها تصبح وقودا للنظام البيئي بأكمله، حيث تتغذى الكائنات الحية الدقيقة على المخلّفات، وتستهلكها الأسماك أو تسقط في قاع النهر حيث يُحبس الكربون.

لكن النشاط البشري يمكن أن يُسرّع من تحلّل الأوراق وغيرها من النفايات، ما يؤدي إلى إطلاق المزيد من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي. وعلى سبيل المثال، تعمل المواد الكيميائية الموجودة في الأسمدة -مثل الفوسفور والنيتروجين- على تغذية الميكروبات، وتؤدي إلى تحلّل القمامة بشكل أسرع.

وفي الدراسة، أُرسلت شرائح قطنية موحدة إلى أكثر من 150 باحثا في 40 دولة، وعوضا عن أوراق الأشجار التي تُستخدم عادة لقياس معدل التحلّل العضوي في المواقع المحلية في 550 مجرى مائيا، دمج الباحثون هذه العينات الميدانية مع مجموعات البيانات الشاملة لإنشاء خوارزمية للتعلم الآلي تُقدر معدلات التحلّل حول العالم.

وقالت كريستا كابس، أستاذة الأحياء المائية المساعدة في جامعة جورجيا بالولايات المتحدة، والباحثة المشاركة في الدراسة، “الأمر الصادم بشأن بياناتنا هو أنه على الرغم من أننا اخترنا هذه المواقع ذات التأثير البسيط نسبيا، فإنه لا يزال بإمكاننا رؤية النقاط الساخنة التي كان للبشر فيها تأثير حقيقي، إما من خلال التوسّع الحضري أو ​​الزراعة أو مزيج منهما”.

وأضافت كابس أن “الخريطة العالمية الناتجة عن هذه النمذجة تُوضّح الآثار الضارة للنشاط البشري. فعلى سبيل المثال، كانت أجزاء من وسط الولايات المتحدة وجنوب كندا وأوروبا -وهي مناطق ذات كثافة سكانية عالية وتنمية حضرية وزراعية- نقاطا ساخنة للتحلّل السريع للشرائح المستخدمة في التجربة الميدانية، ما يُشير بقوة إلى نشاط بشري على نطاق قاريّ، وتأثيرات واضحة على دورة الكربون في الأنهار”.

ووفقا للدراسة، فإن مدى سرعة تحلّل الأوراق في المجاري المائية يُعد بمثابة مؤشر على مستوى الخطر الذي يرتبط بالتغيرات المناخية. وأوضحت كابس أن المعنى الضمني الذي يعنيه تحلّل الأوراق في مجاري الأنهار هو أننا لم يعد بإمكاننا الاعتماد على المسطحات المائية -بما في ذلك الأنهار والجداول والبحيرات- لمواصلة الاحتفاظ بالكربون كما كان الأمر في السابق.

كما بيّنت كابس أن الباحثين درسوا التحلّل وعلاقته بالمناخ في الماضي، مشيرة إلى أن إدخال هذه البيانات في الخوارزمية يسد فجوات مهمة في معرفتنا بالتغيرات المناخية، خاصة في مناطق مثل المناطق الاستوائية والمناطق النائية أو التي يصعب الوصول إليها حيث يمكن أن يكون جمع البيانات أمرا صعبا.

وكجزء من الدراسة، قام الباحثون بنمذجة معدلات تحلّل القمامة الطبيعية مقارنة بنطاقات زراعة القطن، ووجدوا أن مخلّفات أشجار الصنوبر تتحلّل بشكل أبطأ من مخلّفات أشجار البلوط. ومع ارتفاع درجة حرارة المناخ، قد تنتشر الغابات النفضية الكثيفة (البلوط) شمالا، ما يعني احتمالية أعلى لمعدلات تحلّل أسرع وإطلاق المزيد من الكربون في الغلاف الجوي.

وأشار الباحثون إلى أن من بين أكثر الأماكن التي يجب الانتباه إليها، أجزاء من العالم مثل الغابات الشمالية الكندية التي هي حاليا أقل مناطق العالم على مقياس التحلّل، إذ أن دوائر العرض الشمالية ترتفع درجة حرارتها بشكل أسرع بكثير من الدوائر الجنوبية، لذلك فإن هذه الأماكن التي تحدث فيها التغيرات المناخية بوتيرة أسرع من غيرها ستكون ذات أهمية أكبر في المستقبل.

المصدر: مجلة ساينس