تراجع الطاقة الكهرومائية في الشرق الأوسط جرّاء تغير المناخ

Jun 04, 2024

تُؤثر موجات الجفاف الشديدة وندرة مياه الأمطار على الكثير من سكان العالم من إفريقيا إلى أمريكا الجنوبية، فيما تُعد منطقة الشرق الأوسط من بين المناطق الأكثر عرضة للتداعيات الكارثية الناجمة عن الجفاف بسبب تغير المناخ.

ومع توقع تفاقم ظاهرة الإجهاد المائي بسبب تزايد تداعيات الاحتباس الحراري، فإن نُظم الريّ وإمدادات المياه العذبة سوف تواجه المزيد من الأزمات، فيما يمتد ذلك إلى انخفاض في توليد الطاقة الكهرومائية التي تُعد مصدرا حيويا منخفض الكربون للطاقة بفضل اعتمادها على سدود الأنهار.

وتعد الطاقة الكهرومائية أكبر مصدر متجدد لإنتاج الكهرباء في العالم، فيما يزداد الاعتماد على طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مع توقعات بمضاعفة قدرة توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية بحلول عام 2050، في ظلّ الجهود الرامية إلى الحدّ من ارتفاع درجات حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية.

لكن النصف الأول من العام الماضي شهد انخفاضا تاريخيا على الصعيد العالمي في توليد الطاقة الكهرومائية بنسبة بلغت 8.5%، فيما كانت الصين، أكبر مولّد للطاقة الكهرومائية في العالم، الأكثر تضرّرا بتراجع بلغ قرابة 75% بسبب الجفاف الشديد ونفاد خزانات المياه.

الفرات ودجلة

ولم يكن الشرق الأوسط في منأى من أزمة انخفاض الطاقة الكهرومائية، خاصة في البلدان التي تعاني منذ سنوات من تراجع في توليد الطاقة الكهرومائية على طول حوض نهري دجلة والفرات، والذي بات مؤخرا واحدا من أسرع المناطق جفافا على وجه الأرض.

وأصبحت البلدان الواقعة على طول النهرين تعاني من أزمات في الزراعة وتوليد الطاقة الكهرومائية بسبب موجات الجفاف المستمرة وزيادة التنافس على موارد المياه الضئيلة. كما سيؤدي انخفاض هطول الأمطار وسقوط الثلوج، بسبب تغير المناخ، إلى انخفاض في تدفقات نهر الفرات بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 40% بحلول نهاية القرن.

دول المصب هي الأكثر تضررا

ويقول الباحثون إن تغير المناخ سوف يُسرّع انخفاض تدفقات المياه، ما سينجم عنه تراجعا في توليد الطاقة الكهرومائية بنسبة ما بين 5 إلى 18% بحلول عام 2050.

ويواجه العراق أزمة كهرباء منذ سنوات، ما يسلط الضوء على أن الطاقة الكهرومائية أضحت بمثابة مصدر هام للطاقة المتجددة حيث أنها لا تعتمد على الوقود الأحفوري، الذي تتسبّب الانبعاثات الناجمة عنه في تسخين كوكب الأرض.

وأفادت شبكة إسناد الطقس العالمية بأن تغير المناخ أدى إلى زيادة احتمالية حدوث الجفاف في حوض نهري دجلة والفرات بمعدل مرة واحدة كل عشر سنوات وليس كل 250 عاما كما كان الحال قبل بدء ارتفاع متوسط ​​درجات الحرارة.

ومع تعرّض العراق لارتفاع كبير في درجات الحرارة وتكرار موجات الجفاف القاسية، فإن الطاقة الكهرومائية ستظلّ مصدرا موثوقا فيه، فضلا عن دورها في معالجة ظاهرة تغير المناخ وتجنّب أزمة الطاقة في عالم ما بعد الوقود الأحفوري.

ضرورة تعزيز التعاون بين الدول

وبحسب شبكة إسناد الطقس العالمية، فإن الجفاف الذي وقع بين عامي 2020 و2023 في حوض نهر دجلة كان “ثاني أسوأ جفاف مسجّل، فيما يرجع ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة”.

وألقت الظاهرة بظلالها على قطاع كبير من السكّان الذين يعتمدون على الزراعة وتربية الماشية، إذ أن بعض مناطق العراق وسوريا باتت جافة بشكل كامل، ما قد يؤدي إلى نزوح جماعي من قبل المجتمعات التي تعتمد على الزراعة.

ووفقا لخبراء، فإن تعزيز التعاون بين الدول وتحسين إدارة المياه سيصب في صالح كافة الدول التي تمرّ عبر أراضيها مياه الفرات ودجلة، بما في ذلك تلبية حاجتها من الطاقة الكهرومائية النظيفة للتخفيف من أزمة المناخ.

كما أن التوصل إلى اتفاقيات إقليمية، تحلّ محلّ المعاهدات القديمة التي تحكم مقدار تدفقات مياه نهري دجلة والفرات، تُعد ضرورية لتعظيم استخدام الموارد في جميع أنحاء المنطقة، خاصة داخل الدول التي تواجه نقصا في تنفيذ مشاريع التكيّف مع المناخ مثل العراق وسوريا.

المصدر: دي دبليو عربية