الوقود الأحفوري… طاقة محدودة غير متجددة على وشك الاندثار

Jun 01, 2024

الوقود الأحفوري مادة تتكون من بقايا كائنات قديمة مدفونة على مدى ملايين السنين، إذ تؤدي الحرارة والضغط على طبقات الرواسب إلى تغيير البقايا العضوية المتحلّلة إلى مواد يمكن استخدامها مصدرا للطاقة.

ويُعرف الوقود الأحفوري أيضا بأنه وقود ناتج عن مجموعة من المواد المستخرجة من داخل الأرض تُسمى الأحفوريات.

واعتمدت البشرية لعدة عقود على الوقود الأحفوري، إذ يُشكل 82% من إجمالي إمدادات الطاقة العالمية، لكنه تسبّب في تغيرات مناخية حادة لكوكب الأرض.

كيف يتكون الوقود الأحفوري؟

بعد أن تُدفن بقايا الكائنات الحية (نباتات وحيوانات) تحت طبقات القشرة الأرضية تتعرض لدرجات حرارة وضغط مرتفعة جدا، إضافة إلى انعدام الأكسجين، ما يؤدي إلى تركيز مادة الكربون فيها وتحويلها إلى وقود أحفوري.

ويعتمد تركيب الوقود الأحفوري على دورة الكربون، ويستخرج من المواد الأحفورية كالفحم النفطي الأسود والغاز المُسال والفحم الحجري، ومن البترول بعد احتراقه في الهواء مع الأكسجين.

وقامت الثورة الصناعية في القرنين الـ18 والـ19 تزامنا مع استعمال الطاقة الأحفورية في المجال التقني، خاصة الفحم الحجري في ذاك الوقت، ولاحقا أصبح النفط الخام يلعب الدور الأكبر في تلبية احتياجات الطاقة نظرا لسهولة استخراجه ومعالجته ونقله.

ويعتبر الوقود الأحفوري مصدر طاقة غير متجددة لأنه مكوّن من مواد تحتاج ملايين السنين لتصير وقودا، ما يعني أنه لا يتم إنتاجه من جديد، عكس الطاقات المتجددة التي لا تنضب عند استعمالها، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية، بل تتجدد باستمرار.

ويكون الوقود الأحفوري صلبا أو سائلا أو غازا، وتُعد الهيدروكربونات (المواد الكيميائية التي تتكون من ذرات من الكربون والهيدروجين) أساس تكوينه.

أنواع الوقود الأحفوري

ومن أشهر أنواع الوقود الأحفوري البترول، والذي تشكّل خلال العصر الكربوني من بقايا كائنات مائية، كالطحالب والعوالق الحيوانية التي دُفنت في قاع موحل، وتخزّنت في الطبقة الجوفية من الأرض، وتحوّلت مع مرور الزمان إلى الكيروجين الذي تحوّل بدوره إلى نفط وغاز تحت تأثير الضغط والحرارة.

ويستخرج النفط عبر التنقيب وحفر الآبار، أو حتى عبر التعدين الأرضي أو الشريطي عند استخراجه من الرمال القطرانية باستخدام أنابيب وأعمدة.

أما الغاز فقد يتم إيجاده مع النفط فيُسمى الغاز المصاحب، أو منفردا فيطلق عليه غير المصاحب، وهو نوعان الغاز الحلو والغاز الحامضي.

كما يُعد الفحم من أكثر أنواع الوقود الأحفوري الصلب استخداما، ويتشكل من طبقة سميكة من النباتات المتحلّلة التي نمت في مستنقعات أو مناطق قريبة منها، أو بالمناطق الدافئة والرطبة خلال العصر الكربوني، أي قبل ما بين 359 إلى 299 مليون سنة تقريبا.

وخلال ملايين السنين، تحلّلت هذه النباتات وتغطت بطبقات مختلفة ضغطتها وحوّلتها إلى مادة تُسمى “الجفت”، ومع تعرضها لمزيد من الضغط والحرارة وتراكمها تحت طبقات كثيرة، تتحوّل من الجفت إلى “اللينيت” وهو فحم ناعم، يتحوّل بدوره إلى فحم صلب.

ويستخرج بطريقتين، الأولى عبر التعدين باستخدام الآلات الثقيلة في المناجم، أو التعدين الشريطي، وكلتاهما تضرّان بالبيئة وتدمرانها.

ومن أنواع الوقود الأحفوري الأخرى الجفت وفحم الكوك، وهما من أنواعه الصلبة، والجفت يستخدم في التدفئة لكنه يُعد غير فعال لاحتراقه البطيء وبسبب كمية الدخان الكثيرة التي ينتجها وحرارته المحدودة.

ويتشكل فحم الكوك من بقايا مواد عملية استخراج الغاز والقطران، ويستخدم في أفران صهر الحديد لأنه ينتج حراراة شديدة من دون دخان.

وهناك عدة مصادر وقود بديلة، مثل الصخر الزيتي والقطران الرملي، لكن تكلفة استخراجهما العالية تجعلهما خيارات بديلة غير ناجعة.

احتراق الوقود الأحفوري والاحتباس الحراري

يُعد احتراق الوقود الأحفوري من السلبيات التي تتسبّب بتلوّث الهواء الذي يؤدي بدوره إلى الاحتباس الحراري الناتج عن غازات تغلّف المجال الجوي وتمنع الانعكاس الحراري الصادر عن الأرض من انتقاله إلى خارج الكوكب، ما يُسبّب ارتفاعا في درجات حرارة الأرض، ويزيد التصحّر والجفاف.

وتُعد دول الخليج والشرق الأوسط الحاضنة الكبرى لنصف احتياطات النفط والغاز المُسال، إذ تمتلك وحدها أكثر من بقية دول العالم مجتمعة. كما توجد أكبر رواسب الفحم في العالم في الولايات المتحدة وروسيا والصين، وتنتشر أيضا في أستراليا والهند وجنوب إفريقيا.

مخاطر استهلاك الوقود الأحفوري

ودعت مجموعة من العلماء والاقتصاديين إلى ضرورة أن تظلّ ثلاثة أرباع احتياطيات الوقود الأحفوري في باطن الأرض إذا ما أُريد للإنسانية أن تتجنّب أسوأ تأثيرات تغير المناخ، والحدّ من حرارة الأرض دون الدرجتين المئويتين، وهو “الحدّ الآمن” المتفق عليه من قبل الحكومات عالميا.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن احتراق الوقود الأحفوري مسؤول عن 30% من الارتفاع في درجات الحرارة العالمية، كما يُشكّل استخراجه وحرقه ضررا بيئيا من تلوّث غازات الهواء التي تؤدي إلى أمطار حامضية، أو حتى الاحتباس الحراري. وهو المتسبّب أيضا بما نسبته 75% من انبعاثات الغازات الدفينة، ويُعد ثاني أكبر مصدر لانبعاثات غاز الميثان.

واعتبرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن وقف دعم الوقود الأحفوري من شأنه أن يصبّ في مصلحة الجهود الرامية لتقليل الانبعاث الحراري، إذ أظهرت دراسة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (آي بي سي سي) أن 89% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون كانت بسبب احتراق الوقود الأحفوري.

المصدر: الجزيرة