هل التغير المناخي يصنع وظائف حقيقية؟

Jun 01, 2024

تُواجه البشرية معركة شاقة عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على كوكب الأرض، حيث وُصف التغير المناخي كأحد التحديات العالمية في القرن الحالي. ومن أجل تجنّب آثار التغير المناخي، فقد قُدّرت الحاجة إلى إيقاف درجات الحرارة من الارتفاع بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي. ويمكن أن يتسبّب التغير المناخي في إحداث تأثير في مجريات العمل وإنتاجيته، وهذا التغير المناخي لن يكون ضارا بالكوكب والبيئة فحسب، بل قد يكون ضارا أيضا بالحياة المهنية والوظيفية.

فمن الممكن أن تكون الزراعة أكبر ضحية لتغير أنماط الطقس الناجم عن التغير المناخي. إن قطاع الزراعة لم يعُد يدعم الاقتصادات القومية فحسب، بل لا يزال القطاع يُوظّف آلافا من العمال سنويا. أما المجال الآخر الذي قد يشعر بوطأة الضغط من آثار التغير المناخي فهو قطاع السياحة. ويفرض التغير المناخي والتدهور البيئي تحديات كبيرة على النمو الاقتصادي وتشغيل الأيدي العاملة، وستكون المخاطر أكبر على المدى المتوسط إلى الطويل.

وعلى النقيض من ذلك، إذا أُديرت الإجراءات المتعلقة بالتغير المناخي على النحو المطلوب، فمن الممكن أن تؤدي إلى توفير وظائف أكثر وأفضل، حيث يُوفّر كل من التكيّف مع التغير المناخي وتدابير التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة فرصا لإيجاد فرص عمل جديدة مع تأمين أغلب الوظائف القائمة. إن التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون وأكثر مراعاة للبيئة سيعني توفير فرص عمل جديدة، لكن ستكون وظائف أخرى معرّضة للخطر ولا سيما في تلك القطاعات التي لديها خيارات أقل للانتقال نحو طرق أكثر سلامة واستدامة للبيئة.

ومع تزايد وتيرة تأثيرات التغير المناخي، تظهر فرص العمل المرتبطة بالتكيّف والقدرة على الصمود في عديد من القطاعات، بما في ذلك إدارة الموارد الطبيعية والنقل والبنية التحتية والصحة العامة والسياحة وإدارة مخاطر الكوارث. وتتعلق الفرص المتعلقة بالمناخ بالجهود المبذولة للتعامل مع التغير المناخي والتكيّف معه، مثل كفاءة استخدام الموارد وتوفير التكاليف واعتماد مصادر طاقة منخفضة الانبعاثات وتطوير منتجات وخدمات جديدة.

إن التحوّل إلى الاقتصاد الأخضر سينطوي حتما على اختفاء بعض الوظائف، لكن سيتضمن صنع وظائف جديدة. وتُقدّر منظمة العمل الدولية أنه من الممكن إيجاد نحو 100 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2030، ما يؤدي إلى صنع فرص عمل صافية تقارب 25 مليون فرصة عمل، بحسب تقرير منظمة العمل الدولية.

ويتوقع تقرير الوكالة الدولية للطاقة إيجاد 17 مليون فرصة عمل جديدة في مجالات متعددة، مثل تصنيع المركبات الكهربائية وتوربينات الرياح وتركيب الألواح الشمسية وبناء محطات الطاقة النظيفة. بينما يُشكّل التكيّف مع التغير المناخي تحديا يتطلب رسم بعض التدابير التي يمكن اتخاذها لضمان حماية العمالة وصنع فرص عمل جديدة، ومنها الاستثمار في مجال البناء والاستثمار في البنية التحتية لشبكات المياه وإعادة التشجير وتطوير المهارات وتوفير التدريب المناسب للحصول على المهارات الضرورية وسياسات الحماية الاجتماعية.

ويتعلق الأخير بأحد أهم أشكال التكيّف مع التغير المناخي، إذ من المتوقع أن تؤدي التحولات الاجتماعية الموسعة بحلول 2030 إلى زيادة في معدلات العمالة بنسبة 0.2% في البلدان المتقدمة و0.6% في الدول النامية. ولأن الهدف هو تحقيق صافي الانبعاثات الصفري، نستطيع أن نرى عدة أمثلة حقيقية لوظائف التغير المناخي، مثل مهندس الطاقة المتجددة النظيفة ومهندس البيئة وعامل البناء الأخضر والمزارع الأخضر وإخصائي المناخ ومسؤول الاستدامة ومدير مشروع محطة الطاقة النظيفة، وغيرها كثير.

بقلم: عصام العمار – صحيفة الاقتصادية