تغير المناخ يتحكم في آلية انتقال الملاريا في إفريقيا

May 16, 2024

أظهرت دراسة جديدة، نُشرت في مجلة ساينس، أن نموذجا جديدا لتوقّع آثار تغير المناخ على انتقال الملاريا في إفريقيا يمكن أن يؤدي إلى تدخّلات أكثر استهدافا للسيطرة على المرض.

واستخدمت الطرق السابقة مجاميع هطول الأمطار للإشارة إلى وجود مياه سطحية مناسبة لتكاثر البعوض، لكن الدراسة الجديدة استخدمت عدة نماذج مناخية وهيدرولوجية (علم دراسة المياه وتوزيعها وخصائصها وتأثيرها في البيئة والكائنات الحية) لتشمل عمليات العالم الحقيقي للتبخّر والتسلّل والتدفّق عبر الأنهار، وخلق هذا النهج صورة أكثر تعمّقا للظروف الملائمة للملاريا في القارة الإفريقية.

وأوضح الباحث الرئيسي للدراسة، مارك سميث، الأستاذ المشارك في تخصص دراسات المياه في كلية الجغرافيا بجامعة ليدز، أن المناطق المعرّضة لخطر انتقال الملاريا في إفريقيا قد تنخفض بشكل أكثر مما كان متوقعا في السابق بسبب تغير المناخ.

وأضاف سميث أن النماذج المناخية المجمّعة توقّعت أن المساحة الإجمالية المناسبة لانتقال الملاريا ستبدأ في الانخفاض في إفريقيا بعد عام 2025 حتى عام 2100، بما في ذلك غرب إفريقيا وجنوب السودان.

وقال سميث “يلتقط نهج الدراسة الجديدة السمات الهيدرولوجية التي عادة ما يجري تجاهلها مع النماذج التنبؤية القياسية لانتقال الملاريا، ما يُوفّر رؤية أكثر دقّة يمكن أن تفيد جهود مكافحة الملاريا في عالم أكثر دفئا”.

ويقع معظم عبء الملاريا على عاتق الأشخاص الذين يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في إفريقيا، حيث البنية التحتية الصحية غير مكتملة مع توقف برامج مكافحة الملاريا خلال السنوات الأخيرة. وتنتقل الملاريا عن طريق ناقلات الأمراض، وتتأثّر بالمناخ، وتسبّبت بوفاة 608 آلاف شخص من بين 249 مليون حالة في عام 2022.

وتتركّز 95% من حالات الإصابة بالملاريا على مستوى العالم في إفريقيا وحدها، لكن الانخفاض في الحالات هناك تباطأ أو حتى انعكس في السنوات الأخيرة، ويُعزى ذلك جزئيا إلى توقف الاستثمارات في الاستجابات العالمية لمكافحة الملاريا.

وسلّطت الدراسة الضوء على دور الممرات المائية، مثل نهر زامبيزي، في انتشار المرض، ويُقدّر أن ما يقرب من أربعة أضعاف السكّان يعيشون في مناطق مناسبة للملاريا لمدة تصل إلى تسعة أشهر في السنة عما كان يعتقد سابقا. ونظرا لانتشارها عن طريق البعوض، تُعد الملاريا أيضا من أبرز الأمراض الحسّاسة للمناخ.

فعلى سبيل المثال، يمكن للتغيرات في هطول الأمطار أن تُوسّع أو تُقيّد النطاق الجغرافي للبعوض وتوافر المياه الراكدة التي تحتاجها للتكاثر، وخاصة في إفريقيا حيث يتغير المناخ بسرعة فعلا. ومع ذلك، فإن معظم المحاولات لتوقّع تأثير تغير المناخ على الملاريا لم تمثل سوى المياه السطحية باستخدام هطول الأمطار، متجاهلة السمات الهيدرولوجية الهامة الأخرى مثل تدفق الأنهار.

وعوضا عن الاعتماد على نموذج واحد، طبّق الباحثون مجموعة من النماذج الهيدرولوجية والمناخية العالمية لتوقّع انتقال الملاريا في إفريقيا على نطاق قاريّ، ودمجوا المقاييس الهيدرولوجية مثل الجريان السطحي والتبخر، مع التركيز بشكل خاص على المناطق ذات الكثافة السكّانية العالية قرب شبكات الأنهار الواسعة النطاق مثل نهر النيل.

وبالمقارنة مع النماذج المعتمدة على هطول الأمطار، توقّعت الطريقة المجمّعة أن تكون هذه التغييرات في المنطقة أكثر انتشارا وأكثر حساسية للسيناريوهات المستقبلية المختلفة لانبعاثات الغازات الدفيئة.

ويتوقّع الباحثون أن الظروف الحارّة والجافة الناجمة عن تغير المناخ ستؤدي إلى انخفاض عام في المناطق المناسبة لانتقال الملاريا اعتبارا من عام 2025 فصاعدا. كما يُشير سميث إلى أنه مع توفّر تقديرات مفصّلة بشكل متزايد لتدفقات المياه، يمكننا استخدام هذا الفهم لتوجيه تحديد الأولويات وتصميم التدخّلات الخاصة بالملاريا بطريقة صحيحة أكثر.

المصدر: مجلة ساينس