الأزمة المناخية والانتصار للبشرية والكوكب

May 11, 2024

ليس في كوكبنا مكان بمنأى عن الآثار المدمّرة لتغير المناخ، والتدهور البيئي والكوارث المناخية والأحوال الجوية القصوى، وانعدام الأمن الغذائي والمائي. ومن نتائج ذلك ارتفاع مستويات سطح البحر، وذوبان جليد القطب الشمالي، وموت الشعاب المرجانية، وتحمّض المحيطات، واندلاع الحرائق في الغابات.

تُطلق في الغلاف الجوي سنويا مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون جرّاء إنتاج الفحم والنفط والغاز، والذي يتسبّب بمستويات قياسية من انبعاثات الغازات الدفيئة، دون أيّ إشارات على “التحوّل بعيدا عن الوقود الأحفوري” والانتقال إلى الطاقة النظيفة.

ويدعو اتفاق باريس لعام 2015 بشأن تغير المناخ إلى الحدّ من الاحتباس الحراري في مستوى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، غير أننا لم نُخفّف من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، إذ ارتفعت درجات الحرارة في السنوات الأخيرة إلى مستويات قياسية لم تشهد البشرية مثلها من قبل.

فالأنهار الجليدية والصفائح الجليدية في المناطق القطبية والمناطق الجبلية أصبحت في حالة ذوبان متسارعة أكثر من أي وقت مضى، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر، وتهديد ما يقرب من ثلثي مدن العالم التي يفوق عدد سكانها خمسة مليون نسمة بخطر الغرق، مثل نيويورك وشنغهاي وأبوظبي وأوساكا وريو دي جانيرو، والعديد من المدن الأخرى.

كما أن للاحترار العالمي آثار على الأمن الغذائي والمائي، فتغير المناخ يتسبّب في تدهور التربة، ما يحدّ من كمية الكربون الذي يمكن للأرض أن تستوعبه، ويُهدر ما يصل إلى 30% من الأغذية عالميا. كما يحدّ تغير المناخ من المياه المتاحة للشرب والزراعة، سواء من حيث كميتها أو نوعيتها.

وباتت الكوارث المناخية أكثر تواترا وشدّة، ولم تبق أيّ قارة في منأى عن هذه الكوارث، إذ أصبحت موجات الحرّ الشديد والجفاف والأعاصير بجميع أنواعها أكثر انتشارا وتدميرا في جميع أنحاء العالم، وقد تصل كلفتها الاقتصادية العالمية قرابة الـ520 مليار دولار سنويا.

وبسبب الأثار الكارثية لتغير المناخ، يحتدم الصراع بين البشر على الموارد الأساسية، مثل الأراضي والغذاء والمياه، الأمر الذي يُؤجّج التوترات الاجتماعية والاقتصادية، ويؤدي إلى النزوح الجماعي للسكّان.

يُخبرنا العلم أن تغير المناخ حقيقة لا يمكن إنكارها، كما يُخبرنا أنه لم يَفُت الأوان بعد لوقف النزيف، وسيتطلب ذلك إحداث تحوّلات أساسية في جميع الجوانب، بدءا من كيفية زراعة الغذاء واستغلال الأراضي إلى كيفية نقل السّلع وتحديد مصدر الوقود الذي تعمل به اقتصادات الدول.

كما أن التكنولوجيا الحديثة وذات الكفاءة يمكن أن تساعدنا في الحدّ من صافي الانبعاثات، إذ يوجد بالفعل حلول جاهزة لمعالجة 70% من الانبعاثات العالمية حاليا، مثل السيارات الكهربائية التي أصبحت في طريقها لتُشكّل “القاعدة الغالبة” في عالم السيارات.

إن هذه الحلول، التي يمكن توسيع مجال تطبيقها، ستُمكّننا من تحقيق قفزة نحو عالم أنظف وأكثر قدرة على البقاء، ولكن الأمر يتطلب تضافر جهود الجميع، من الحكومات والمؤسسات التجارية إلى المجتمعات والأوساط الأكاديمية.

المصدر: الأمم المتحدة