التغير المناخي وارتفاع حرارة المحيطات

May 09, 2024

يُسلّط تحوّل الشعاب المرجانية النابضة بالحياة إلى اللون الأبيض الضوء على شيء ظلّ العلماء يرددونه لسنوات، وهو ارتفاع حرارة المحيطات بشكل خطير. وقد أعلنت الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي في الآونة الأخيرة عن ابيضاض المرجان بسبب الحرارة الزائدة، إذ تُظهر أحدث قراءات سطح المحيط أن درجات الحرارة آخذة في الارتفاع.

وفي كل يوم، وعلى مدار أكثر من عام، كان متوسط درجة حرارة سطح البحر العالمية عند مستوى قياسي موسمي مرتفع مقارنة بالبيانات التي تعود إلى عام 1979، إذ تجاوز كل الأرقام القياسية التاريخية بفارق كبير.

ويعتبر ارتفاع حرارة المحيطات أمرا مهما لعدة أسباب تتجاوز تأثير الحرارة على الشعب المرجانية، فهي تؤدي إلى تفاقم ارتفاع مستوى سطح البحر مع امتداد نطاق المياه الدافئة، كما تحدّ من إمداد الحياة البحرية بالأكسجين وتدفع الأسماك نحو قطبي الأرض أو المياه العميقة. وقد تم ربطها بظهور البكتيريا البحرية التي تسمى الفيبريو Vibrio، والتي يمكن أن تسبّب الذبذبات لدى البشر، وتؤدي إلى ظهور أعراض مثل الحمى والإسهال والقيء، وفي بعض الحالات يُمكن أن تؤدي إلى الموت.

وفي العام الماضي، ساعد ارتفاع درجات حرارة سطح البحر في دفع العلماء إلى رفع توقعاتهم للأعاصير الأطلسية. كما من المتوقع عموما أن تؤدي درجات حرارة المحيطات والهواء الأكثر دفئا إلى تقليل الجليد البحري. ويُخشى أن يساعد ذوبان الجليد في إضعاف ما يعرف باسم الدورة الانقلابية للمحيط الأطلسي (AMOC)، وهو نظام من التيارات يلعب دورا حاسما في تنظيم مناخ الكوكب.

إن أكثر من 90% من الحرارة الزائدة في النظام المناخي للكوكب والناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري التي يُسبّبها الإنسان، موجودة في المحيطات، فمع استمرارنا في ضخ مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كل عام، ترتفع درجات الحرارة.

لكن القراءات التي تم تسجيلها خلال العام الماضي تُشير إلى أن هناك شيئا آخر يحدث، إذ أن المتوسط العالمي لدرجة حرارة سطح البحر قد بلغ ذروته في شهر مارس المنصرم، أي نهاية الصيف في نصف الكرة الجنوبي الذي يضم معظم المحيطات. وفي العام الماضي، تم كسر هذا النمط كذلك، حيث سجّلت درجات الحرارة أعلى مستوياتها على الإطلاق في أغسطس المنصرم.

ويعزو جون أبراهام، أستاذ العلوم الحرارية بجامعة سانت توماس، أسباب ارتفاع درجات الحرارة الأخيرة إلى ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي “البطيئة” وطويلة الأمد، والتي هي من صنع الإنسان. وقال إنه يمكن تعليق جزء كبير منها على ظاهرة النينيو المناخية.

ومن المتوقع أن نشهد في العامين المقبلين درجات حرارة أكبر من تلك التي شهدناها في عامي 2023 و2024، وسيتم تجاوز كل الأرقام القياسية مرة أخرى بسبب الاحتباس الحراري.

بقلم: جاك ويتلز – ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن» – الاتحاد