فيضانات جزيرة العرب… ما أسباب الأمطار والسيول القياسية؟

May 03, 2024

غمرت مياه السيول القياسية عددا كبيرا من الطرق في السعودية في موجة جديدة من الأمطار الغزيرة التي تضرب دول الخليج، وهزّت قبل ذلك الإمارات بعد أن عطّلت الحياة في عدد من المناطق في دبي وأبوظبي والشارقة.

ويؤكد الخبراء أن الكمية الاستثنائية من الأمطار في دول الخليج هي نتيجة مباشرة للتغيرات المناخية، وقد تزداد سوءا في القادم من السنوات مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض.

وأعلن المركز الوطني للأرصاد أن دولة الإمارات شهدت هطول أكبر كميات أمطار خلال الأعوام الـ75 الماضية، وأن منطقة “خطم الشكلة” بالعين شهدت هطول 254.8 ملم في أقل من 24 ساعة، لتحقق الدولة بذلك حدثا استثنائيا يُسجّل في تاريخها المناخي.

وتساقطت الأمطار بمعدل 100 ملم على مدار 12 ساعة فقط، وهو ما يقارب ما تسجله دبي عادة خلال عام كامل، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.

وبعدما أحدثت الأمطار الغزيرة الاستثنائية فوضى كبيرة في دبي، تحدّثت وكالة بلومبرغ عن دور لعمليات الاستمطار في ذلك، في حين نفت حكومة دبي إجراء عمليات استمطار قبيل تلك الفيضانات.

وقال مايكل مان، عالم المناخ في جامعة بنسلفانيا، إن ثلاثة أنظمة ضغط منخفض شكّلت قطارا من العواصف يتحرك ببطء على طول التيار النفّاث نحو الجزيرة العربية.

وأدى نظام الضغط المنخفض القوي إلى جولات متعدّدة من الرياح العاتية والأمطار الغزيرة على الأجزاء الشمالية والشرقية من الإمارات.

ويعزو العلماء وخبراء الأرصاد الجوية شدّة العاصفة إلى كمية كبيرة من الرطوبة التي ترتفع في الغلاف الجوي بسبب ارتفاع درجة حرارة البحار قبل أن تهطل على شكل أمطار غزيرة على الجزيرة العربية.

وقال الخبير في المناخ، محمد بنعبو، إن ارتفاع درجة حرارة الكوكب واستمرار استعمال الوقود الأحفوري من أجل إنتاج الطاقة يزيد من التغيرات المناخية، ما يزيد من احتمال هطول الأمطار الغزيرة في مناطق مختلفة في العالم.

وأوضح بنعبو أن درجة الحرارة المسجلة في 12 شهرا الأخيرة هي الأعلى في التاريخ، أي منذ بداية قياس درجة الحرارة على الكوكب، مشيرا إلى أن الأمطار الاستثنائية في الإمارات وسلطنة عُمان والسعودية هي نتيجة لكل هذه التغيرات المناخية التي تحدث، إضافة إلى أن هذه البلدان هي الأكثر إنتاجا للوقود الأحفوري.

وأضاف بنعبو إن التغيرات المناخية تزامنت هذه السنة مع ظاهرة النينيو، والتي كان تأثيرها واضحا في مجموعة من مناطق العالم بما فيها منطقة الخليج، مؤكدا أن استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض والتغيرات المناخية تجعل ظواهر مثل الأمطار الغزيرة أكثر فتكا، وقد تزيد خطورتها وشدّتها في السنوات المقبلة في حال لم تنخفض درجة حرارة الكوكب.

وتعاني الإمارات وسلطنة عُمان من الحرارة الشديدة الناجمة عن ظاهرة الاحترار المناخي، لكن الفيضانات الأخيرة كشفت عن خطر إضافي لظواهر جوية متطرفة مع ارتفاع حرارة الكوكب.

وقالت سونيا سينيفيراتني، الأستاذة في معهد الاتحاد السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ، إن “فيضانات الإمارات وعُمان أظهرت أنه حتى المناطق الجافة يمكن أن تتأثر بشدّة بهطول الأمطار الغزيرة، وهو تهديد يتزايد مع زيادة الاحترار المناخي بسبب حرق الوقود الأحفوري”.

وبعد الإمارات وسلطنة عُمان، انتقلت الظاهرة إلى السعودية حيث غمرت مياه السيول عددا كبيرا من الطرق، ما دفع السلطات إلى إغلاق المدارس في عدة مناطق.

وأظهرت لقطات مصوّرة سيارات غمرتها المياه، تحاول شق طريقها في برك المياه في منطقة القصيم، التي يقطنها أكثر من خمسة مليون نسمة، وذلك بعد تعرّضها لهطول الأمطار الغزيرة.

كما أصدر المركز الوطني للأرصاد “الإنذار الأحمر” لمنطقة القصيم وعدد من المناطق الأخرى من بينها المنطقة الشرقية المطلّة على الخليج العربي، والعاصمة الرياض، ومنطقة المدينة المنورة قرب البحر الأحمر في المنطقة الغربية.

ويأتي هطول الأمطار الغزيرة على السعودية في أعقاب عواصف استثنائية ضربت منطقة الخليج منتصف الشهر الماضي، وأسفرت عن مقتل 21 شخصا في عُمان وأربعة أشخاص في الإمارات.

وكانت شبكة إسناد الطقس في العالم قد أعلنت أن الاحترار المناخي الناجم عن انبعاثات الوقود الأحفوري كان “على الأرجح” وراء الهطول القياسي للأمطار التي ضربت دول الخليج مؤخرا.

المصدر: أ ف ب