سيارات كهربائية صينية تغزو السوق السويسرية

May 02, 2024

لفتت الشركة الصينية الرائدة في مجال صناعة السيارات الكهربائية الأنظار خلال معرض جنيف الدولي للسيارات في دورته لعام 2024. وفي المقابل، كان ملفتا غياب الشركات الغربية الرائدة في صناعة السيارات خلال هذه الدورة، إذ لم تُكلّف سوى خمس علامات تجارية نفسها عناء حضور المعرض.

وقد استحوذت الشركة الصينية بيلد يور دريمز (BYD) على اهتمام الزائرين بفضل أفلامها التسويقية وصورها الجميلة العملاقة، وكانت هذه العلامة التجارية في تماه مُطلق مع شعار معرض جنيف للسيارات “سيارة المستقبل الآن”. ولكن خلف هذا الكمال اللاّمع تختفي حقائق مقلقة.

وهدف الشركة الصينية لا لُبس فيه، إذ تخطّط (BYD) لرفع التحدي أمام منافستيها، تسلا (Tesla)، الشركة المهيمنة حاليا على سوق السيارات الكهربائية، وفولكس فاجن (Volkswagen)، العلامة التجارية الأكثر مبيعا في سويسرا. وللقيام بذلك، تحاول الشركة الصينية إقناع عملاء السيارات السويسريين بأن منتجاتها لا تقلّ جودة عن العلامات التجارية الأوروبية والأمريكية، أو أنها أفضل منها.

وتساعد أزمة المناخ هذه الشركة على كسب الرهان، وليس في سويسرا فقط، فالسيارات الكهربائية هي بالفعل أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة بحوالي أربعة أضعاف مقارنة بالسيارات التي تعمل بمحركات الوقود الأحفوري. لكن هذه السيارات تجلب أيضا مخاطر جديدة، بيئية وإنسانية، ولكن لا أحد يتحدّث عن هذه المخاطر.

فمثلا، يتطلّب تصنيع هذا النوع من السيارات كميات هائلة من المواد الخام، إذ يُستخدم في صناعة بطارياتها الكثير من النيكل والليثيوم والنحاس والكوبالت وغيرها، والتي يُشار إليها عادة بالمعادن الحرجة أو العناصر الانتقالية، ويمكن أن يكون لهذه المواد بصمة بيئية سلبية.

وفي الأثناء، تجد الشعوب الأصلية نفسها في مواجهة موجة جديدة من التعدين، فقد أظهرت دراسة أُجريت في عام 2023، أن أكثر من نصف مشاريع استخراج المعادن الحرجة تقع ضمن أراضي الشعوب الأصلية أو في محيطها. ومع ذلك، لا يتم تضمين هذه المجتمعات بشكل كاف في عملية الترخيص لهذه المشاريع، وذلك بسبب عدم الاعتراف بحقوقها.

وتعترف الأمم المتحدة بحقّ مجتمعات الشعوب الأصلية في إبداء موافقة حرّة ومسبقة ومدروسة بشأن المشاريع التي تؤثّر على أراضيها وحياتها وثقافتها، ولكن لسوء الحظ، يتعرّض هذا الحق للانتهاك في كل البلدان التي تعيش فيها شعوب أصلية تقريبا، إذ لا يُتاح لها الاعتراض على مشاريع التعدين في مناطقها.

وتهدف حكومة جمهورية الصين الشعبية إلى تصدّر إنتاج السيارات الكهربائية، وهي موطن لشركتين كبيرتين في السوق، هما شركتا كاتل (CATL)، المصنّعة للبطاريات، وشركة (BYD)، التي تتصدّر قائمة الشركات المنتجة للسيارات الكهربائية.

ويُثير هذا الوضع القلق لسببين: أولا، لأن أكبر احتياطيات الليثيوم في الصين تقع تحت هضبة التّبت، وقد أظهر تقرير، صدر في عام 2023، الضغط المتزايد لاستخراج هذه المواد الخام من باطن الأرض، وعدم إشراك سكّان التّبت في اتخاذ القرار بهذا الشأن. وثانيا، لأن عملية معالجة الليثيوم ترتبط بنظام السخرة الذي يُوظّف سكّان الإيغور، في منطقة تركستان الشرقية (شينجيانغ)، المعرّضين أصلا لسياسة القمع والوحشية.

وغالبا ما يقتني المستهلكون السويسريون السيارات الكهربائية بنوايا حسنة من منطلق اهتمامهم بقضايا البيئة. وتمثّل سويسرا سوقا مثيرة للاهتمام بالنسبة لشركات تصنيع السيارات الكهربائية، إذ أن واحدة من كل خمس سيارات جديدة، بيعت في سويسرا في عام 2023، كانت سيارة كهربائية تعمل بالبطارية. كما يوجد في بلد جبال الألب 17000 نقطة شحن عامة، وهو ما يجعل منها واحدة من أكثر الشبكات كثافة في العالم.

ويعني غزو السيارات الكهربائية الصينية في سويسرا بالضرورة وجود جهة مستوردة معروفة في البلاد، إذ قرّرت شركة إميل فراي مؤخرا أن تصبح مستوردا لسيارات (BYD)، وفقا لتقارير صادرة عن وسائل إعلام سويسرية.

ختاما، يُطلب حاليا من الشركات في جميع أنحاء العالم بذل العناية الواجبة بالنسبة لسلسلة التوريد الخاصة بها. وفي سويسرا، تقوم المنظمات غير الربحية بإعداد مبادرة جديدة تُلزم الشركات ببذل هذه العناية المطلوبة، وذلك حتى لا تتحوّل الأحلام إلى كوابيس للشعوب الأصلية والسكّان المحليين.

بقلم: كريستوف فيدمر – سويس إنفو