ظاهرتا النينو والنينا تغيّران الطقس في أنحاء العالم

Apr 29, 2024

أعلن مكتب الأرصاد الجوية الأسترالي أن مرحلة النينو المناخية، التي بدأت في صيف 2023 وتسبّبت في زيادة درجات الحرارة، انتهت الآن.

وساعدت ظاهرة النينو المناخية في زيادة درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في الأشهر الأخيرة، علاوة على الاحتباس الحراري الذي تسبّب به البشر.

ما هي ظاهرة النينو؟

النينو جزء من ظاهرة مناخية طبيعية تُدعى نينو التذبذب الجنوبي. وهذه الظاهرة لها حالتان هما: النينو والنينا، وكلاهما تغيّران الطقس العالمي كثيرا.

ويمكن التعرف على النينو من خلال عدد من القياسات المختلفة، مثل درجات الحرارة السطحية لماء البحر الأسخن من المعتاد في مناطق شرقي المحيط الهادي الاستوائية، والضغط الجوي فوق المعتاد في غربي المحيط الهادي في أستراليا، والضغط الجوي الأقلّ من المعتاد في وسط المحيط الهادي في بولينيزيا الفرنسية.

وفي ظروف محايدة، تكون المياه السطحية في المحيط الهادي أبرد في الشرق وأسخن في الغرب.

وتهبّ “الرياح التجارية” من الشرق إلى الغرب، وتعمل حرارة الشمس على تسخين المياه تدريجيا مع تحرك الرياح بهذا الاتجاه.

وخلال ظاهرة النينو، تضعف هذه الرياح أو تعكس اتجاهها، ما يرسل المياه السطحية الأسخن باتجاه الشرق بدلا من الغرب.

أما خلال فترة ظاهرة النينا، فإن الرياح الاعتيادية التي تهبّ من الشرق إلى الغرب تصبح أعتى قوة، ما يدفع المياه الأسخن أكثر باتجاه الغرب.

وهذا يتسبب في صعود الماء البارد من أعماق المحيط، وهو ما يعني أن درجات حرارة المياه السطحية تصبح أبرد من المعتاد في منطقة شرقي المحيط الهادي.

ولوحظت الظاهرة للمرة الأولى من قبل صيادي السمك في بيرو في بداية القرن السابع عشر، والذين لاحظوا أن المياه الدافئة يبدو أنها تصل إلى ذروتها بالقرب من الأمريكيتين في ديسمبر.

كيف تغيّر النينو والنينا الطقس؟

لا تتشابه الأحداث فيما بينها والعواقب تختلف من منطقة لأخرى، لكن العلماء لاحظوا بعض التأثيرات المشتركة، إذ ترتفع درجات الحرارة العالمية خلال ظاهرة النينو وتنخفض خلال ظاهرة النينا.

ووجود ظاهرة النينو يعني أن المياه الساخنة تنتشر إلى مساحة أكبر وتبقى قريبة من السطح، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق المزيد من الحرارة في الجو، ما يتسبّب بتشكل هواء أكثر رطوبة وسخونة.

لكن التأثيرات الإقليمية أكثر تعقيدا، وبعض الأماكن قد تكون أسخن وأبرد من المتوقع خلال أوقات مختلفة من السنة.

وأسخن سنة في التاريخ الموثّق هي 2023، وقد عزّز ارتفاع درجات الحرارة فيها ظروف النينو، علاوة على التغير المناخي الناجم عن أفعال البشر، والذي ما زال مستمرا في العام 2024.

وخلال الفترة بين 2020 و2022، شهد العالم فترة طويلة على غير العادة من ظروف ظاهرة النينا، والتي ساعدت في منع ارتفاع درجات حرارة العالم.

وخلال أحداث ظاهرة النينو، تدفع المياه الدافئة تيارات الهواء القوية الخاصة بتيار المحيط الهادي النفّاث إلى مسافات أبعد في الجنوب والشرق، وهذا يجلب طقسا ماطرا أكثر إلى جنوبي الولايات المتحدة وخليج المكسيك.

وتشهد المناطق الاستوائية، مثل جنوب شرق آسيا وأستراليا ووسط إفريقيا، ظروفا جوية أكثر جفافا من المعتاد.

وتؤثر ظاهرة النينو أيضا على أنماط التقلبات الجوية، وهو ما يعني حدوث عدد أكبر عموما من العواصف الاستوائية في المناطق الاستوائية من المحيط الهادي، ولكن عددا أقل في المناطق الاستوائية من المحيط الأطلسي بما في ذلك جنوبي الولايات المتحدة.

أما في ظل ظاهرة النينا، فإن التأثير يكون عكسيا.

كما لاحظ العلماء أيضا أن مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو تزداد خلال أحداث النينو نتيجة للظروف الجوية الأسخن والأشد جفافا في المناطق الاستوائية.

وإذا نمت النباتات بسرعة أقلّ خلال أوقات الجفاف فإنها تمتصّ كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون، بينما تزداد حرائق الغابات في أماكن مثل جنوب آسيا، ما يعني إطلاق المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الجو.

ما أهمية الأنماط المناخية لظاهرتي النينو والنينا؟

تؤثر مظاهر الطقس السيء التي تزداد سوءا بفعل النينو والنينا على البنية التحتية وعلى الغذاء وأنظمة الطاقة حول العالم.

فعلى سبيل المثال، عندما تصعد كميات أقل من المياه الباردة إلى السطح في المحيط قبالة الساحل الغربي والجنوبي لأمريكا خلال أحداث ظاهرة النينو، فإن كميات العناصر الغذائية الناشئة من أعماق المحيط تقلّ.

وهذا يعني وجود غذاء أقلّ للكائنات البحرية مثل الحبار وأسماك السلمون، وهو ما يؤدي بالمقابل إلى تقليل المخزون من الثروة السمكية بالنسبة للمجتمعات التي تعتمد على الصيد في أمريكا الجنوبية.

وقد أثّرت موجات الجفاف والفيضانات الناجمة عن ظاهرة النينو القاسية في 2015 – 2016 على الأمن الغذائي لأكثر من 60 مليون شخص، وذلك وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

وأشارت دراسة حديثة إلى أن أحداث النينو تعمل على خفض النمو الاقتصادي العالمي بصورة كبيرة، وهو تأثير قد يزداد في المستقبل.

كما تحدث دورات النينو والنينا كل سنتين إلى سبع سنوات، وتستمر عادة ما بين تسعة أشهر إلى 12 شهرا. وهما لا تتناوبان بالضرورة، فأحداث النينا أقلّ شيوعا من نوبات النينو.

هل التغير المناخي يؤثر على النينو والنينا؟

في 2021، قال علماء المناخ في الأمم المتحدة، من اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي، إن أحداث النينو التي حدثت منذ 1950 هي أقوى من الأحداث المسجّلة بين 1850 و1950.

وقالت اللجنة أيضا إن حلقات الأشجار ودلائل تاريخية أخرى تُظهر أنه كان هناك تغيّرات في تكرار حدوث وقوة هذه الحلقات منذ القرن الخامس عشر.

وخلُصت اللجنة إلى أن هناك أدلّة واضحة على أن التغير المناخي قد أثّر على تلك الأحداث.

كما تُشير بعض النماذج المناخية إلى أن أحداث النينو ستصبح أكثر تكرارا وقوة بسبب الاحتباس الحراري، وهو ما سيرفع من درجات الحرارة بصورة أكبر.

المصدر: بي بي سي عربي