هل تشهد شبه القارة الهندية مستقبلا خطيرا مع المناخ؟

Apr 29, 2024

توصّل فريق بحثي، بقيادة علماء من جامعة أوغسبورغ الألمانية، إلى أنه من المرجّح أن تشهد شبه القارة الهندية عددا متزايدا من الظواهر الجوية المتطرفة في المستقبل، ما يُرشّحها لأن تكون واحدة من أقوى النقاط المناخية الساخنة في العالم.

ويُشير اصطلاح النقاط المناخية الساخنة إلى المناطق التي تتأثر بشكل أكبر من المفترض بتغير المناخ، فهي تشهد أحداثا مناخية أكثر حدّة وتكرارا مقارنة بالمناطق المحيطة بها، أو تلك التي تتعرض لنفس الزيادات في متوسط درجات الحرارة.

وفي كثير من الأحيان تواجه هذه النقاط الساخنة مجموعة من نقاط الضعف البيئية والاجتماعية والاقتصادية الإضافية إلى جانب أثر تغير المناخ، ما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي تواجه تلك المناطق، وتُعد الهند واحدة من تلك الحالات.

وبحسب الدراسة، التي نشرها الفريق في دورية جورنال أوف هايدروميتيورولوجي، فإن شبه القارة الهندية بشكل عام مؤهلة بشدّة لتصبح نقطة مناخية ساخنة.

وحدّد الباحثون بشكل خاص عدة مناطق مكتظة بالسكان ستكون الأكثر تأثرا، وهي المناطق الواقعة حول نهر السند، وهو أطول وأهم نهر في باكستان وشبه القارة الهندية، ونهر الغانج الذي يبدأ في شمال الهند وينتهي في بنغلاديش، إلى جانب عدة مناطق متفرقة في أقصى جنوبي الهند.

وللتوصّل إلى تلك النتائج، استخدم الباحثون طريقة إحصائية مقتبسة من عالَم الرياضيات المالية تسمى “طريقة الكوبولا”، والتي تحسب احتمالية حدوث تطورات معينة في الوقت نفسه.

وتسمح الكوبولا للمحلّلين الماليين بوضع نموذج واحد لمتغيرات متعددة، مثل عوائد الأسهم أو الأسعار. وفي حالة التغير المناخي طوّرها هذا الفريق لدراسة عوامل عدة، مثل الظواهر المناخية المتطرفة والكثافة السكانية ومعايير الأمن الغذائي.

وأشارت النتائج إلى أن شبه القارة الهندية ستشهد ما يسميه العلماء “أحداثا متطرفة مركّبة”، والتي تُعرف بأنها المواقف التي تختبر أحداثا مناخية متطرفة متعددة في وقت واحد أو في تتابع سريع، ما يؤدي إلى تأثيرات مضخّمة أو متتالية تكون أكثر خطورة من مجموع الأحداث الفردية.

وعلى سبيل المثال، يمكن أن يحدث ذلك عندما تؤدي الأمطار الغزيرة إلى فيضانات، والتي بدورها تُشبع الأرض وتزيد من احتمالية حدوث انهيارات أرضية. ومثال آخر هو مزيج من موجات الحر والجفاف، فالفترات الطويلة من درجات الحرارة المرتفعة تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، ما يؤدي إلى خسائر زراعية ونقص في المياه وزيادة خطر حرائق الغابات.

وتكون تأثيرات الأحداث المتطرفة المركّبة مدمّرة غالبا، إذ أنها تؤثر في البنية التحتية لأي دولة وبالتبعية تمنعها من التعامل بما يتناسب وحجم المشكلات القائمة، فحينما تتوافق الموجات الحارة مثلا مع اضطرابات في إنتاجية المحاصيل وجفاف يضرب الأرض، فإن جهود الدولة تتوزع بين حلّ مشكلة الأمن الغذائي وتأمين حياة الناس من الإصابة بالإجهاد الحراري، وتوفير المياه اللازمة للبلاد.

وأوضح الباحثون أن تلك التطورات الوخيمة ستحدث حتى في أكثر النماذج المناخية تفاؤلا، وهي تلك التي تتفق فيها دول العالم على الحدّ من نفث الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي للأرض من الطائرات والسيارات ومصانع الطاقة، على سبيل المثال لا الحصر.

ويهتم العلماء في نطاقات التغير المناخي بالكشف عن النقاط الساخنة حول العالم بأسرع ما يمكن، إذ أنها تتطلب تطوير مناهج خاصة لتقييم المخاطر، وعمل منسّق على مستويات عدة محلية وعالمية للصمود في مواجهة الأحداث المتطرفة المركّبة.

وإلى جانب شبه القارة الهندية، يعتقد العلماء أن الدول الجزرية الصغيرة النامية مثل تلك الموجودة في منطقة المحيط الهادي ومنطقة البحر الكاريبي، وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والمدن الساحلية الكبرى حول العالم بشكل عام مثل مومباي وشانغهاي ونيويورك، وغابات الأمازون المطيرة، ومنطقة ساحل البحر الأبيض المتوسط التي تواجه فترات جفاف طويلة، من أهم النقاط الساخنة حول العالم التي تتطلب المزيد من الدراسة لتتجنّب مستقبل مأزوم في سياق مناخ متغيّر.

المصدر: دورية جورنال أوف هايدروميتيورولوجي