أزمة مناخ متفاقمة وأخطار عالمية جراء إزالة الغابات

Apr 28, 2024

بينما يتطلع قادة 145 دولة إلى الوفاء بتعهداتهم بوقف مسار إزالة الغابات بحلول عام 2030، فإن نتائج التقرير التقييمي السنوي تجعل تلك الآمال بعيدة المنال، حتى مع تلك الخطوات الواعدة التي حققتها كل من البرازيل وكولومبيا.

ويسلط التقرير الصادر عن معهد الموارد العالمية، الذي يهتم بقضايا البيئة والمناخ والغذاء، الضوء على الغطاء الغابي في العالم، معتمدا على قاعدة بيانات يُشرف عليها فريق من الباحثين في مختبر “غلاد” بجامعة ميريلاند الأميركية.

وتركز منصة مراقبة الغابات في العالم التابعة للمعهد -في تقريرها- على التغيرات التي تطرأ على الغابات في المناطق الاستوائية لجهة أن حوالي 96% من خسارة المساحات الغابية تكون في هذه المنطقة.

كما يركز التقرير على الغابات في المناطق الاستوائية الرطبة، وهي الغابات المطيرة التي تستحوذ على أهمية بالغة في التنوع البيولوجي وتخزين الكربون وتعديل التأثيرات المناخية الإقليمية والمحلية.

ويتّضح، من خلال بيانات التقرير، أن فقدان الغابات تراجع في كل من البرازيل وكولومبيا ما بين عامي 2022 و2023 بنسبة 36% و49% على التوالي.

لكن إجمالا فإن حجم الغابات الأولية الاستوائية، التي تمت خسارتها عام 2023، لا تزال في مستويات شبه ثابتة على مدار السنوات السابقة.

وبينما تسلّحت بعض الدول بالإرادة السياسية للحدّ من فقدان المساحات الغابية، فإن أخرى شهدت زيادات حادّة، مثل بوليفيا ولاوس ونيكاراغوا والكاميرون والكونغو الديمقراطية والكاميرون وإندونيسيا.

وزادت خسارة الغابات الأولية في بوليفيا عام 2023 بنسبة 27%، بسبب الحرائق وتوسّع المساحات الزراعية، لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق للعام الثالث على التوالي.

وفي الكونغو الديمقراطية تسير وتيرة إزالة الغابات على قدم وساق بفقدان ما يقدر بنصف مليون هكتار من الغابات الأولية الاستوائية سنويا.

ورغم أن الدول الواقعة بحوض الكونغو تشهد نسبا متدنية في انحسار المساحات الغابية، فإن وجود أكثر من نصف مساحة الغابات بالحوض بأراضي الكونغو الديمقراطية يجعلها مهددة على المدى الطويل.

وتأثّرت غابات الكونغو الديمقراطية بالنمط السائد لإنتاج الطاقة في البلاد والذي يعتمد على الفحم، إذ ينتشر الفقر على نطاق واسع، حيث يعيش قرابة 62% من السكان على حوالي دولارين أميركيين في اليوم.

ولا يختلف الوضع كثيرا في إندونيسيا التي زادت فيها نسبة فقدان الغابات بـ27% عام 2023 تحت وطأة ظاهرة النينيو بشكل خاص.

وحسب البيانات المنشورة في التقرير، يبلغ حجم خسارة الغابات الاستوائية وحدها العام الماضي حوالي 3.7 ملايين هكتار، أي ما يعادل مساحة 10 ملاعب كرة قدم في الدقيقة.

وأنتجت هذه الخسارة 2.4 غيغا طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عام 2023، أي ما يعادل نصف الانبعاثات السنوية للوقود الأحفوري للولايات المتحدة.

كما كان لحجم الحرائق غير المسبوق في غابات كندا تأثير واضح على نسبة الزيادة في وتيرة فقدان الغابات عالميا العام الماضي، والمقدرة في حدود 24%.

وفي حين يمكن أن تشكل الحرائق جزءا طبيعيا من النظام البيئي بالغابات الشمالية، يلاحظ التقرير أن الحرائق الأكثر كثافة والأكثر تكرارا يمكن أن تؤدي إلى تغييرات دائمة في الغابات.

وتشير الأنباء السارة، في التقرير، إلى انخفاض معدل خسارة الغطاء الغابي بالمناطق الإحيائية في الأمازون التي تضم أكبر غابة مطيرة في العالم وتتمتع بأهمية كبيرة، بنسبة 39% عام 2023 مقارنة بالعام السابق.

ويعود هذا التراجع، بحسب تحليل التقرير، إلى سياسة الحكومة البرازيلية مع صعود الرئيس لولا دا سيلفا إلى سدة الحكم بداية 2023، حيث عمل على إلغاء التدابير المناهضة للبيئة، والاعتراف بالمناطق الجديدة للسكان الأصليين، وتعزيز جهود إنفاذ القانون.

لكن هذه الأخبار الإيجابية تتزامن مع أسوأ موجة جفاف على الإطلاق تشهدها منطقة الأمازون بسبب حرائق الغابات عام 2023، تلتها حرائق قياسية شهدتها ولاية رورايما في فبراير الماضي.

ورغم أن الحرائق تُعد سمة طبيعية للنظام البيئي بالغابات الاستوائية، فإن الجفاف الحادّ، الذي استمر عدة سنوات ونتج جزئيا عن تغير المناخ، أدى إلى موجة حرائق متكررة بمناطق واسعة، الأمر الذي أثار قلق الخبراء بشأن مدى قدرة هذا النظام البيئي على التعافي.

ويلفت التقرير إلى الدور المحوري التي تلعبه الغابات بكوكب الأرض كونها تمثل نظما إيكولوجية بحدّ ذاتها، فضلا عن دورها في مكافحة تغير المناخ، ودعم سبل العيش لمئات الملايين من البشر.

ويعتمد نحو 6.1 مليار شخص، بما في ذلك ما يقرب من 70 مليون من السكان الأصليين، على موارد الغابات في سبل عيشهم.

كما تُعد الغابات مصدرا ومصرفا للكربون، إذ تزيل ثاني أكسيد الكربون من الهواء عندما تكون منتصبة أو في فترات إعادة النمو، وتلعب دورا عكسيا عند إزالتها أو تدهورها.

وتؤثر إزالة الغابات، خاصة في المناطق الاستوائية، أيضا على درجات الحرارة المحلية وهطول الأمطار بطرق يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التأثيرات المحلية على تغير المناخ العالمي، مع ما يترتب على ذلك من عواقب على صحة الإنسان والإنتاج الزراعي.

وبينما يواجه العالم “التحذير الأخير” بشأن أزمة المناخ، فإن الحدّ من إزالة الغابات يبرز كأحد التدابير الأكثر فعالية للتخفيف من كلفة تغير المناخ.

وقد أظهرت البيانات عام 2023 أن البلدان قادرة على خفض معدلات فقدان الغابات الاستوائية إذا حشدت الإرادة السياسية للقيام بذلك، كما حدث في البرازيل.

المصدر: معهد الموارد العالمية