الناقة تحلّ محل البقرة بسبب التغير المناخي

Apr 26, 2024

لطالما كانت الأبقار في كينيا ومعظم أنحاء إفريقيا الحيوان الأهم على مرّ العصور، وذلك أنها تمثّل أساس الاقتصادات والأنظمة الغذائية والتقاليد. لكن مع تقلّص مساحة الأراضي الصالحة للرعي ونضوب مصادر المياه، أدى الجفاف الذي استمر ثلاثة أعوام في منطقة القرن الإفريقي وانتهى العام الماضي إلى نفوق 80% من الأبقار في الجزء الشمالي من كينيا، وتدمير سبل عيش الكثير من الناس، وبات الملايين في هذه المنطقة مضطرين إلى التكيّف مع تغير المناخ.

ووفقا للدراسات الأكاديمية، يشهد عدد قليل من المجتمعات، وخاصة في كينيا وإثيوبيا، مراحل مختلفة من التحوّل، إذ تضاعف تعداد الإبل في العالم خلال العشرين عاما الماضية، وهو أمر يعزوه الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة جزئيا إلى كون هذا الحيوان ملائما أكثر من البقر في ظل ظاهرة تغير المناخ. ففي أوقات الشدة تُنتج الإبل حليبا أكثر من البقر.

ومن جهته، قال جوناثان ليليليت، حاكم مقاطعة سامبورو الكينية، “لولا التغير المناخي لما كلّفنا أنفسنا حتى عناء شراء هذه الجمال، لدينا الكثير من الأمور الأخرى التي يجب القيام بها بالمال القليل الذي لدينا، ولكن لا خيار أمامنا”.

ومن بين جميع الثدييات، يتّسم الجمل بكونه الحيوان الوحيد تقريبا الذي يستطيع التكيّف مع الظروف المناخية القاسية بطريقة فريدة، ويُمكن للإبل أن تبقى دون ماء لمدة أسبوعين مقابل يوم أو يومين عند البقر. ويمكن للإبل أن تفقد 30% من وزنها وتظل على قيد الحياة، كما تتغيّر درجة حرارة جسم الجمل بالتزامن مع تقلبات المناخ اليومية. وعندما تتبوّل الإبل، يتدفق السائل إلى أسفل أرجلها ما يُبقي أجسامها باردة، وعندما تستلقي فإنها تطوي قوائمها فتتحوّل إلى ما يشبه الركائز التي تعمل على دعم جزء كبير من نصفها السفلي فوق الأرض مباشرة، ما يسمح للهواء البارد بالمرور من تحتها. وقد وصفت ورقة بحثية نُشرت مؤخرا الجمال بأنها “حيوان مُعجِزة”.

ومع ذلك، وعلى مدار معظم فترات تاريخ البشرية في أغلب أنحاء إفريقيا، لم تكن هناك حاجة لمزايا الإبل. فالإبل عاشت طيلة قرون في الحلقة الخارجية الأكثر جفافا من القارة الإفريقية بالأساس، في حين كانت الأبقار منتشرة في سهول الأنهار الخصبة في الأراضي المرتفعة، وبلغت أعدادها عشرة أمثال أعداد الإبل.

أما كينيا فكانت منذ فترة طويلة في الوسط، حيث تُربّي بعض القبائل الإبل بينما تُربّي المزيد من القبائل الأبقار. ولهذا السبب تعاني القبائل المجاورة من عواقب تربية حيوان واحد على حساب الآخر، ويبدو أن هذا الأمر حوّل مقاطعة سامبورو إلى تجربة عن كيفية تفاعل الماشية وكيفية استجابة البشر مع المناخ الحار.

وغالبا ما يوصف الرعاة بأنهم من بين أكثر الفئات عُرضة لتغير المناخ، ويمكن أن تتأرجح حظوظهم بناء على القرارات التي يتخذونها بشأن الحيوانات التي يربّونها. وأظهرت ورقة بحثية، نُشرت عام 2022 في مجلة “نيتشر فود” العلمية، زيادة في الإجهاد الحراري وانخفاض توافر المياه في بعض المناطق، مع الإشارة إلى أن إنتاج الحليب سيرتفع مع وجود نسبة أعلى من الإبل وكذلك الماعز لأنها أكثر قدرة على التكيّف مع تغير المناخ مقارنة بالأبقار.

ويُعتبر حليب الإبل بديلا مماثلا لحليب البقر، إذ أن نسبة الدهون في حليب الإبل تكون أقل مع وجود نسبة أعلى لبعض المعادن، بينما يقول كثيرون إن طعمه أكثر ملوحة.

ويعتقد حاكم سامبورو أن التحوّل إلى تربية الإبل خطوة صحيحة، مشيرا إلى أن سامبورو بمساحاتها الشاسعة البعيدة عن شبكة الكهرباء والتي لا تملك مياها جارية، ساهمت مساهمة ضئيلة نسبيا في انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية. وإلى حدّ بعيد، فإن أكبر مصدر للانبعاثات في المناطق الريفية مثل سامبورو هو غاز الميثان، وهو منتج ثانوي لعملية الهضم المُعقدة للبقر. وفي المقابل تفرز الإبل كميات أقل بكثير من هذا الغاز.

المصدر: واشنطن بوست