تسعى كثير من الحكومات على مستوى العالم لتنفيذ الالتزامات الدولية المتعلقة بإزالة وتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول منتصف القرن الحالي، إذ يشهد العالم تغيّرات كثيرة بسبب ظاهرة التغير المناخي، والتي تلقي بظلالها أيضا على المناخ السياسي، والذي يشهد تقلّبات في الشرق والغرب، ويؤثر ويتأثر بالمنازعات المناخية.

وتُعد قطاعات كبرى مثل قطاع الطاقة وقطاع الصناعة، ولا سيما صناعتي الأسمنت والحديد، إضافة إلى قطاع النقل، من أهم القطاعات ذات التأثير الأعلى في الانبعاثات الكربونية، والتي يجب أن تُراعي الحلول فيما يتعلق بالتقاط واحتجاز الكربون تحقيقا لمساعي الوصول للحياد الصفري.

وبينما نرى جهودا محدودة في بعض القطاعات فيما يخص التقاط الكربون، فإننا بحاجة إلى رؤية الجهود الفاعلة من القطاعات الحيوية الأخرى، مثل قطاعي صناعة الأسمنت وصناعة الحديد، والتي تتسبّب في انبعاثات كربونية كبيرة على مستوى العالم. إن الفرصة سانحة لتبديل الممارسات التقليدية إلى أخرى أكثر استدامة، مثل إنتاج الأسمنت الصديق للبيئة، ما يلبّي الطلب المتزايد في الأسواق وفق مبدأ العرض والطلب.

إن جميع المشاريع الحالية أو أغلبها تعمل وفق استراتيجيات خاصة بالاستدامة مع مستهدفات سنوية لتقليل الانبعاثات الكربونية، ولكنها لا تستطيع الوفاء بهذه الالتزامات في ظل ضعف توفير المواد الأساسية ذات الصبغة المستدامة، والتي تحتاج إلى وقفة حاسمة من قبل المشرّعين والعاملين في قطاع الصناعة لتحديد موقفهم إزاء هذه الصناعات المهمة والحيوية التي تتطلب المرحلة الحالية والمستقبلية أن تكون أكثر استدامة واخضرارا.

إن التحديات لازالت كبيرة أمام تحقيق مستهدفات تقليل الانبعاثات الكربونية، سواء تحديات مالية أو تكنولوجية أو القدرة المعرفية والكفاءات المتوافرة في هذا المجال. ولذلك، يجب على كافة القطاعات العمل على توفير وابتكار وتطوير الأعمال والممارسات الحالية، وبشكل عاجل، فيما يتعلق بتقليل الانبعاثات الكربونية والتقاط ما يمكن التقاطه وفق الجدول الزمني المحدد بحلول منتصف القرن الحالي.