دليل جديد على أن سبب تغير المناخ هو الإنسان

Apr 03, 2024

عبّر علماء البحار والمحيطات ومراكز الأبحاث ورصد البيئات البحرية عن قلقهم من تسارع ارتفاع درجات الحرارة، وذلك بعد بيانات حلّلها في وقت سابق معهد تغيّر المناخ في جامعة مين الأميركية تُظهر أن درجات حرارة سطح البحر المسجلة يوميا تخطت الأرقام القياسية لأعلى ارتفاع لها منذ عام 1982، وذلك بفعل التغيرات المناخية التي شهدها العالم.

وأظهرت دراسات جديدة أن ثمة تأثيرا مباشرا للنشاط البشري في تغير المناخ تجلّى في ارتفاع حرارة سطح البحر، وعلى وجه التحديد تأثير الأنشطة المتعلقة بزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير في اتساع الدورة الموسمية لدرجات حرارة سطح البحر.

ويُقصد بمصطلح “درجة حرارة سطح البحر” درجة حرارة أي جسم مادي يقع على السطح والذي عادة ما يُنسب إلى مستوى سطح البحر. وعند قياس درجة حرارة الماء على سطح المحيطات، فإن درجة حرارة السطح تُخصّص باسم “درجة حرارة سطح البحر”.

وفي دراسة جديدة قام بها فريق الباحثين من معهد وودز هول لعلوم المحيطات، قدّمت الدراسة دليلا واضحا على وجود بصمة بشرية على تغير المناخ غيّرت في سعة الدورة الموسمية لدرجات حرارة سطح البحر.

وتقول الدراسة التي نشرتها دورية نيتشر كلايميت تشينج “هناك إشارة لتغير المناخ بسبب الإنسان في درجات حرارة المحيطات المرتبطة بزيادة ثاني أكسيد الكربون”.

ووفقا للبيان الصادر من معهد وودز هول لعلوم المحيطات، فإن التغيير في سعة الدورة الموسمية لدرجات حرارة سطح البحر هي واحدة من أبرز المؤشرات على خطورة الوضع البيئي في المحيطات في العالم.

وقال الباحث المشارك في الدراسة، بنجامين سانتر، وهو باحث في قسم علوم المحيطات الفيزيائية بمعهد وودز هول لعلوم المحيطات، “التغيرات في درجات حرارة سطح البحر دليل على تغير المناخ بسبب الإنسان، إذ إنها مرتبطة بزيادة ثاني أكسيد الكربون، وهي ناتجة عن الأنشطة البشرية”.

واستَخدمت الدراسات السابقة سجلات الأقمار الصناعية لتحديد البصمات البشرية في تغيير الدورة الموسمية لدرجة حرارة التروبوسفير من متوسطة إلى عليا. ومع ذلك، فهذه أول دراسة لبصمات الإنسان تكشف عن أنماط تفصيلية لتغير المناخ في درجات حرارة سطح البحر الموسمية.

وبحسب بيان معهد وودز هول لعلوم المحيطات، فإن الدراسة استخدمت أربع مجموعات مختلفة من بيانات الرصد، بما في ذلك سجلات الأقمار الصناعية وقياسات من السفن والعوامات التي يعود تاريخها إلى عام 1950.

وكشف تحليل هذه البيانات الشاملة عبر جميع المصادر، عن إشارات إلى تأثير بشري قوي في التغيرات الموسمية لدرجة حرارة سطح البحر.

وأضاف سانتر “كل هذه البيانات قدّمت الاستنتاجات نفسها التي تدل على أن الانسان كان السبب الرئيسي في التغيرات التي طرأت على درجة حرارة سطح البحر”.

كما أن المحاكاة مع التغيرات التاريخية في التأثير الفردي أكّدت مجددا أن زيادات الغازات الدفيئة هي المحرك الرئيسي للتغيرات في تكييف الهواء تحت الأرض، وهي من تأثير الهباء الجوي البشريّ المنشأ.

كما بيّنت الدراسة أن هناك زيادة في سعة الدورة الموسمية عند خطوط العرض الوسطى في نصف الكرة الأرضية الشمالي، ويتجلّى هذا بشكلٍ خاص في نصف الكرة الشمالي حيث تكون أحجام أحواض المحيط أصغر من نصف الكرة الجنوبي، وحيث تتأثر التغيرات في درجات حرارة سطح البحر إلى حد كبير بأنماط الرياح المرتبطة باحترار الغلاف الجوي.

ويرى الباحث الرئيسي في الدراسة، جيا روي شي، أن اتساع الدورة الموسمية لدرجات حرارة سطح البحر آخذ في التزايد، ليصبح ارتفاع درجة حرارة الصيف أكثر وضوحا من ارتفاع درجة حرارة الشتاء، وبالتالي فإن الآثار المترتبة على هذا التغير الناجم عن الإنسان في درجات حرارة المحيطات بعيدة المدى.

وأضاف روي شي “من المتوقع أن يكون لهذه البصمة البشرية القوية في الدورة الموسمية لدرجة حرارة سطح المحيط تأثيرات واسعة النطاق في النظم البيئية البحرية، ويمكن أن يؤثر ذلك بشكل كبير في مصائد الأسماك وتوزيع العناصر الغذائية، حيث أن اكتساب نظرة ثاقبة للتأثير البشري في الدورة الموسمية له أهمية علمية واقتصادية واجتماعية”.

وأوضح أن “نتائج هذه الدراسة تدحض الادعاءات القائلة بأن التغيرات الأخيرة في درجات الحرارة طبيعية، سواء بسبب الشمس أو بسبب الدورات الداخلية في النظام المناخي، والتفسير الطبيعي يكاد يكون مستحيلا فيما يتعلق بما ننظر إليه هنا (أي التغيرات في درجات الحرارة الموسمية لسطح البحر)، كما تَستبعد الدراسة الادعاء بأننا لسنا بحاجة إلى التعامل مع تغير المناخ على محمل الجد لأنه أمر طبيعي”.

ومن ناحية أخرى، قال بيان معهد وودز هول لعلوم المحيطات “تُعد هذه الدراسة بمثابة دعوة مقنعة للعمل، مع التركيز على الحاجة إلى أن تكون قرارات السياسة مستنيرة بالفهم العلمي للتأثيرات البشرية في المناخ والحاجة الملحّة لمعالجة تغير المناخ على مستوى العالم”.

المصدر: دورية نيتشر كلايميت تشينج