وتستمر الأرض في الغليان

Mar 27, 2024

بقلم: خالد دلال – خاص بمناخي

يبدو أن ما أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قبل نحو عام، من انتهاء عصر الاحتباس الحراري، ودخول الأرض في عصر الغليان العالمي، ومنه إلى ما سماه “الإنهيار المناخي”، قد بات قاب قوسين أو أدنى مع ما نشهده من درجات حرارة تتفاقم شهرا بعد شهر في أرجاء المعمورة.

ها هو مرصد كوبرنيكوس لتغير المناخ، التابع للاتحاد الأوروبي، يعلن أن “شهر فبراير الماضي هو الشهر التاسع على التوالي لدرجات حرارة قياسية على مستوى العالم”، حيث جاء متوسط درجة الحرارة العالمية في فبراير “أعلى بمقدار 1.77 درجة مئوية عن متوسط ما قبل عصر الصناعة (1850-1900)”.

الأمر بات واضحا للعيان مع ما نشهده من تغيرات مناخية كان من تجلياتها المرعبة مؤخرا سلسة الحرائق الشرسة التي اجتاحت ولاية تكساس الأمريكية، وما نتج عنها، بحسب وسائل الإعلام، “من عمليات إجلاء غير مسبوقة، وانقطاع التيار الكهربائي عن الآلاف من السكان، فضلا عن إغلاق منشأة للأسلحة النووية”. أما الخسائر فقد جاءت فادحة من تآكل القطاع الزراعي في الولاية مع اندثار مئات الآلاف من الأراضي الزراعية ونفوق عشرات الآلاف من رؤوس الماشية.

لم تقف الكوارث عند قارة أمريكا الشمالية فقط، فها هي العديد من دول أمريكا الجنوبية تشهد فيضانات مدمرة، وها هي أهوال الطقس في القارة الأوروبية تنتج موجات جفاف غير مسبوقة، وها هي دول مثل الصين واليابان وإندونيسيا تشهد رطوبة أعلى بكثير من المعتاد في فصل الشتاء. والأمثلة عديدة.

السبب لكل ما تقدم معروف، ولا يحتاج إلى قمم ومناظرات علمية، ويكمن في تفاقم انبعاثات الغازات الدفيئة نتيجة للنشاط البشري الجنوني، وخصوصا ما ينتج من حرق الوقود الأحفوري من نفط وغاز وفحم، ما يتسبب في استعار ظاهرة الاحتباس الحراري، وما يسببه ذلك من كوارث طبيعية. وهذا طبعا إضافة إلى كارثة ظاهرة النينيو، والتي ترتبط بارتفاع درجة حرارة المحيط الهادئ، ليساهم كل ذلك في جعل عام 2023 الأكثر حراً منذ مئة ألف عام!

ورغم كل ذلك، فالحل متاح، ويكمن في التزام الدول حول العالم، فعلا وليس قولا فقط، بالوصول إلى انبعاثات من الغازات الدفيئة (مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان) قريبة من الصفر، وذلك وفق اتفاقية باريس، التي أبرمت في العام 2015، “بحيث لا تزيد درجات الحرارة حول العالم عن 1.5 درجة مئوية”.

من المؤكد أن يواصل منحنى درجات الحرارة حول العالم الارتفاع خلال الأشهر القادمة، وسينتج عنه كوارث مناخية أكثر، وعلى البشرية أن تتّحد لإنقاذ نفسها قبل فوات الأوان، وقبل أن يكون الكثير منا، بحكم الله عز وجل، رب الطبيعة ورب كل شيء “نَسْيًا مَّنسِيًّا”. لنتحرك بسرعة لأن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، وعلينا الحذر فعلا من نفاد صبر الطبيعة.