الأوبئة المدمرة قادمة من تغير المناخ

Mar 25, 2024

عدا الحروب التي تفتك بالبشر وتهدد الحضارة الإنسانية إذا ما اتسعت وتصاعدت حدّتها، واستُخدمت فيها أسلحة الدمار الشامل، هناك خطر مدمر يتربص بالبشرية لا يقل أثرا عن الحروب، وهو أيضا من صنع البشر أنفسهم. هذا الخطر هو الأوبئة الناجمة عن تغير المناخ جرّاء إدمان الإنسان على تدمير الأرض بسبب أنانيته وجشعه الأعمى.

بعد وباء كورونا الذي ظهر في ديسمبر 2019 وحصد أرواح ما بين 13 و16 مليون إنسان، حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، والذي لا يزال العالم يعاني حتى الآن من تداعياته البشرية والاقتصادية والاجتماعة، فإن تحذيرات العلماء تتوالى من مخاطر ظهور أوبئة وفيروسات أخرى أشد خطرا بسبب المضي في الاعتداء على الكوكب.

من المعروف أنه مع كل زيادة في الاحترار تتفاقم الأخطار بسرعة، إذ تزيد موجات الحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة، وغيرها من ظواهر الطقس المتطرفة، من المخاطر على صحة الإنسان وسلامة النظم الإيكولوجية، إضافة إلى تدني مستوى الأمن الغذائي والمائي جرّاء زيادة الاحترار.

ودقّ الخبراء جرس الإنذار مؤخرا من خطر جائحة أخرى قادمة قد تكون أكثر فتكا من كورونا جرّاء ظاهرة الاحتباس الحراري وإزالة الغابات، حيث يتزايد احتمال انتقال العامل الفيروسي أو البكتيري من الحيوانات إلى البشر. وتقول الطبيبة ناتالي ماكديرموت، المحاضرة السريرية في الأمراض المعدية في جامعة كينغز كوليدج في لندن، إن “الوباء التالي أصبح قاب قوسين أو أدنى، وقد يأتي خلال عامين، وقد يأتي بعد 20 عاما، لهذا يجب ألا نوقف حذرنا وأن نبقى يقظين ومستعدين لمواجهة الوباء الجديد”.

وتوضح ماكديرموت أنه من خلال قطع الأشجار في منطقة الأمازون وأجزاء من إفريقيا تقترب الحيوانات والحشرات من منازل الناس، ومع ارتفاع درجات الحرارة تتفشّى الفيروسات التي تنقلها هذه الحيوانات والحشرات.

وفي اليابان يُحذر العلماء من انتشار عدوى بكتيرية نادرة وخطرة بمعدل قياسي في مختلف أنحاء البلاد، إذ تم الإبلاغ خلال الشهرين الأولين من العام الجاري عن 378 إصابة. ويتزايد القلق من أن الشكل الأقسى والمميت من بكتيريا “المكورات العقدية” سيستمر، حيث قال المعهد الوطني للأمراض المعدية في اليابان “لا يزال هناك العديد من العوامل غير المعروفة فيما يتعلق بآليات انتشار هذه البكتيريا، ولسنا في مرحلة يمكننا تفسيرها”. والأخطر إذا ما انتشرت هذه العدوى البكتيرية خارج اليابان.

أمراض وأوبئة كثيرة ظهرت في العالم خلال العقود الأخيرة، مثل الكوليرا وسارس وإيبولا والإيدز وأنفلونزا الخنازير، وأخيرا كورونا الذي كان الأخطر على الإنسان وأنظمة الرعاية الصحية في العالم، وكلها يجب أن تشكل تحذيرا للإنسان كي يتوقف عن الاعتداء على الغابات وموائل الحيوانات وزيادة انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجات الحرارة، لأن كل هذه الممارسات تؤدي إلى خلل في العلاقة بين الإنسان والأرض، ما يؤدي إلى ظهور وانتشار الأوبئة بشكل واسع في التجمعات السكّانية الكبيرة.

المصدر: افتتاحية صحيفة الخليج